ما حدث في مدينة الإسكندرية المصرية من مجازر في حق النصارى وهم يحتفلون بأعياد الميلاد يمكن تفسيره بكل التفسيرات والتأويلات وإعطاؤه جميع الاحتمالات، إلا أن ينسب لمن درج العالم النسب إليهم في مثل هذه الأحداث؛ مثل القاعدة أو ما يسمى بالإرهاب الإسلامي، خاصة وأن الأمر يتعلق بتعميق الفتنة بن المسلمين والنصارى، فتنة كانت دائما في العالم العربي والإسلامي صنيع اليهود ودولة إسرائيل عن طريق عصاباتها الإجرامية بقيادة الموساد الذي حول مصر منذ اتفاقيات كامب ديفيد إلى مزرعة حقيقية يسرح فيها ويمرح ويفعل ما يشاء.. * فهذه العملية في حق الأقباط المصريين لا تختلف في نوعيتها والكميات الهائلة من المتفجرات المستعملة فيها (أكثر من 100 كلغ) عن بقية العمليات التي ينفذها الموساد بصفة دورية في العراق وسوريا ولبنان وإيران وحتى في أفغانستان، كما لابد أن تكون هناك علاقة مباشرة بينها وما سبقها من إثارة للفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر وبين اكتشاف السلطات المصرية مؤخرا لشبكة واسعة للجوسسة الإسرائيلية داخل مصر، وربما تأتي من أجل رفع ضغط السلطات المصرية على النشاط التجسسي الإسرائيلي على التراب المصري، كما أن مصر لا يمكن أن تصبح بين عشية وضحاها فريسة للقاعدة أو الإسلاميين مع كل الإجراءات الشديدة والتضييقات الكبيرة المفروضة بالتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ عدة عقود على كل النشاطات السياسية للإسلاميين وغير الإسلاميين داخل مصر. * ولكن هذا هو وضع النظام المصري والأنظمة العربية المحمية من طرف إسرائيل والتي تستمد شرعيتها السياسية من العمالة لهذا الكيان وتطبيق السياسات الأمريكية بحذافيرها في المنطقة. والحال هذه، لابد وأن توجه التهم وأصابع الاتهام في عملية فجر أمس، ضد كنيسة الإسكندرية، إلى القاعدة أو الإرهاب الإسلامي، أو إلى إيران وحزب الله اللبناني، لأن إسرائيل تفرض أن يكونا عدو السلام الإسرائيلي رقم واحد وأصل كل المشاكل ومصدر كل العمليات الإرهابية في المنطقة من أجل جمع أكبر قدر من الذرائع والحجج الواهية والكاذبة، تمهيدا للاعتداء على إيران وحزب الله، مثلما هو الشأن بالنسبة للمحكمة الدولية الإسرائيلية الأمريكية الخاصة بالتحقيق في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، والبرنامج النووي العسكري الوهمي لإيران.. * ولكن على الرغم من افتضاح الأمر وثبوت التورط الإسرائيلي في ارتكاب أبشع الجرائم وتزييف الحقائق، فإنه ليس للنظام المصري والأنظمة العربية المسلوبة الإرادة إلا مسايرة ما تقرره إسرائيل وما تفعله وما تقوله حتى لا ترفع حمايتها عنها، فتتعرى أمام شعوبها وتصبح بلا حول ولا قوة.. وحتى إذا كانت هذه الجريمة من تنفيذ القاعدة، فمن تكون هذه القاعدة ولماذا لا تتجرأ هذه الأنظمة على الاعتراف بأنها صناعة أمريكية وأداة إجرام إسرائيلية بدل مواصلة سياسة النعام؟