"ابني عبد الفتاح مسالم ومتخلق ولم يشارك في الاحتجاجات منذ اندلاعها.. لن أتسامح مع المتسبب في مقتل ابني"، بهذه العبارة قابلنا عمى حسين عكريش، والدموع تنهمر من عينيه عندما توجهنا الى منزله بحي الكاريار الشعبي لتقديم واجب العزاء، ولم يمانع عمي حسين في أخذ صور لابنه والحديث إليه رغم الأجواء الحزينة التي كانت تسود المكان وجموع المعزين الذين توافدوا على منزله . * ويروي عمي حسين بتأثر شديد ان ابنه عبد الفتاح البالغ من العمر 32 سنة اعتاد قضاء جل أوقاته بحي الدواودة البحري ولا يعود ألا عندما يسدل الليل ستائره، فهو لا يعرف الشباب بالحي الذي يسكنه باعتبارهم جدد على الحي، وليلة الجمعة عاد من الدواودة في حوالى العاشرة ليلا، وعند سماعه لطلقات الرصاص والقنابل المسيلة للدموع توجه الى وسط المدينة لإحضار شقيقه الجيلالي الذي يصغره بعشر سنوات، غير انه خرج ولم يعد، وفي هذه الأثناء غلبت الدموع عمي حسين ولم يقدر على مواصلة الحديث، غير انه استرجع بعض أنفاسه وأقسم بعدم السماح لمن تسبب في مقتل ابنه. * * سفيان صديق الضحية: عبد الفتاح كان ضد أعمال التخريب * * من جانبه، سفيان وهو أحد الأصدقاء المقربين جدا من الضحية عبد الفتاح وقضى يوم أمسية الجمعة معه، قال للشروق ان صديقه تابع معه مباراة في كرة القدم بالدواودة، وعقبها قضينا بعض الوقت بالحي الى غاية العشرة ليلا بالتقريب عندما توجه الى مسكنهم الجديد ببواسماعيل، واضاف ان عبد الفتاح متخلق وكان غير راض عن أعمال التخريب التي طالت المنشآت الخاصة والعامة رغم انه بطال منذ ان توقف عن العما بنفطال، وختم سفيان يقول لا بد من تحديد قاتل صديقه وتقديمه للعدالة لمعاقبته. * * جيلالي شقيق الضحية: أخي مات غدرا بالرصاص * * آخر شهادة سجلناها بخصوص مقتل عكريش عبد الفتاح، كانت مع شقيقه الأصغر جيلالي الذي تحدث الينا بصعوبة والدموع تنهمر من عينيه "عبد الفتاح جاء الى وسط المدينة لأخذي الى المنزل، ولما اشتدت الاشتباكات بين المحتجين ومصالح الأمن على مستوى الشارع الرابط بين مقري أمن الدائرة وفرقة الدرك الوطني بقينا نتفرج بالقرب من موقع الحدث فإذا برصاصة تسكن رأس أخي عبد الفتاح، فسقط على الفور فبدأت بالصراخ لإسعافه بدون جدوى لمدة قاربت ال20 دقيقة قبل ان يتم نقله الى مستشفى القليعة، وهنا توقف جيلالى عن الحديث وهو يردد "أخي مات بين يدي...". * حاولنا معرفة السبب الحقيقي في وفاة الشاب عكريش، فكانت الروايات تختلف من شخص لآخر ومن هيئة لأخرى، غير أن مصدرا رسميا بمصالح الأمن قال "لقد فتح تحقيق في القضية والضحية سيعرض غدا على الطبيب الشرعي بمستشفى فرانتز فانون بالبليدة لكشف حقيقة وفاة أول ضحية بولاية تيبازة" * . * مقتل شاب وإصابة 6 من عناصر الأمن وتوقيف 35 شخصا * الاحتجاجات تتوسع لتشمل أغلب مدن ولاية تيبازة * تجددت الاحتجاجات ليلة أول أمس لتشمل أغلب مدن ولاية تيبازة مما صعّب على مصالح الأمن السيطرة على الوضع وحماية الممتلكات العامة والخاصة التي تعرضت للتخريب، كما سجلت الأحداث التي عرفت انزلاقات خطيرة وفاة شاب بمدينة بواسماعيل وإصابة 6 من عناصر الأمن، 2 منهم تحت الرقابة الطبية بالمستشفى فيما تم توقيف حوالي 50 شخصا من الشباب المحتج. * توفي شاب في 32 من عمره بمدينة بواسماعيل ليلة أول أمس في الاحتجاجات التي عرفتها المدينة عقب صلاة العشاء وإلى غاية الساعات الأولى من فجر أمس السبت، كما أصيب عدد من عناصر الأمن في المواجهات مع الشبان الذين حاولوا تحطيم مقر البلدية واقتحام مقري الدرك الوطني وأمن الدائرة، غير أن التعزيزات الأمنية أبطلت عزيمة المحتجين الذين كان أغلبهم ملثمين وفي حالة من الهيجان أثارت الرعب في صفوف المواطنين الذين التزموا بيوتهم خوفا من حدوث أي مكروه. * وتعرضت العديد من المنشآت والإدارات إلى تخريب واجهاتها، وازداد الوضع تدهورا عقب انتشار خبر وفاة الشاب عكريش عبد الفتاح بين مقري أمن الدائرة وفرقة الدرك الوطني، الأمر الذي استدعى حضور رئيس الأمن الولائي وقائد مجموعة الدرك الوطني. * وشهدت مدن شرشال، سيدي اعمر، مناصر، الناظور، بورقيقة، احمر العين، سيدي راشد، الحطاطبة، القليعة، فوكة، الدواودة، حجوط التي كانت الأوضاع بها أخطر، حيث قام المحتجون بتكسير واجهات الإدارات العمومية وأعمدة الإنارة وحرق مطعم أحد الخواص، الأمر الذي دفع قوات الأمن الى استعمال الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع لردع المحتجين ومنعهم من اقتحام مقر البلدية وإدارات أخرى، وقد تواصلت الاحتجاجات الى الساعات الأولى من فجر أمس السبت. * وكانت حصيلة الأحداث في يومها الخامس إصابة أكثر من عشرين شرطيا وتوقيف حوالي 150 محتج، 35 منهم ليلة أول أمس ولايزال الوضع بمدينة بواسماعيل مرشحا للتصعيد عقب مقتل الشاب عكريش، حيث أحاطت جموع من الشباب أمس بمقر أمن الدائرة، الأمر الذي تطلب تعزيزات أمنية مشددة.