خرجت أحزاب التحالف الرئاسي الثلاثة من اجتماعها الدوري أول أمس، أكثر إصرارا من أي وقت مضى على مواصلة ممارسة الحكم الفاسد والاحتقار واستفزاز مشاعر المجتمع وتحدي المنطق، رغم أن هذا الظرف المتميز وطنيا وعربيا بالقابلية للانفجار في أي لحظة من لحظات النهار أو الليل. وبالكثير من الضحك على الأذقان، أوعز رموز التحالف الاحتقان السائد والتحفز القائم في أوساط الشباب والمجتمع إلى التدخل الأجنبي والأيادي الخفية التي تعمل من الخارج وإلى نشر البلبلة وزرع الخوف بفعل فاعل في نفوس الشعب.. وغيرها من الكليشيهات المستهلكة منذ ستينيات القرن الماضي، في حين أن التحالف الرئاسي هو العامل الرئيسي في وصول أوضاع الجزائر إلى ما وصلت إليه من فساد وبروز للمافيا والمرتشين والفاسدين والمفسدين، ومع ذلك ما زال يتحدى ويطرح نفسه كعنصر لا غنى عنه للخروج من الأزمة التي تسبب فيها، وكأنه ليس جزءا من هذه الأزمة أو ليس سببا من أسباب الفساد القائم على طول الجزائر وعرضهما. ثم كيف يكلف هذا التحالف نفسه في هذه الظروف الجديدة كليا بتحسين وضعية الشغل والسكن والمعاملات الإدارية والظروف المعيشية للسكان ومحاربة الفساد، وهو المتسبب الرئيسي في هذا التدهور الكبير الحاصل في هذه المجالات منذ استيلائه على مفاصل السياسة والإدارة والاقتصاد والمال سنة 2000 وجعله من البحبوحة المالية المترتبة عن عائدات بيع النفط والغاز، منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، جحيما على الجزائر من خلال العجز وسوء التسيير ونشر الفساد بشكل أفقي وعلى نطاق واسع، حيث لم يعد من الممكن محاربة هذه الظاهرة أو التحكم فيها، حتى أن غالبية الجزائريين أصبحوا يتساءلون بإلحاح عما يمكن أن يكون نية مبيتة من التحالف في نشر الخراب في ربوع الجزائر بعد أن أصبحت سياسة الوزير الأول واضحة في معاكسة سياسة رئيس الجمهورية والسير في عكس برنامجه في تهدئة الجبهة الاجتماعية من خلال الإجراءات المتخذة في مجال السكن والتشغيل والاستثمار التي تصطدم كلها بالسياسة العشوائية والإجراءات التعسفية لمجموعة التحالف، فأصبح رئيس الجمهورية يبدو للرأي العام وكأنه في حرب على ما تخلفه سياسة الحكومة من كوارث. فلماذا لا يتخلى الرئيس مرة واحدة عن هذا التحالف وهذه الحكومة ورئيسها.. ربما يغنيه ذلك عن كل هذا الماراطون الذي يخوضه لإصلاح ما أفسده التحالف والحكومة، خاصة أن العطار لا يمكنه إصلاح ما أفسده الدهر كما يقال؟ ولكن ما نلاحظه بدل ذلك هو تمادي التحالف في التحدي والاستفزاز لكل ما حوله والذي وصل أقصاه مؤخرا عندما قال السيد أويحيى كلمته المشهورة عندما طلب منه منذ أيام التعليق على الشائعات الدائرة حول تغيير الحكومة فأجاب: "واش جاب العدس للوبيا"، وهذه بلية أخرى بفرض الاتجاه الفوري إلى الحل البديل الوحيد المطروح، وهو على الأقل الاستغناء عن هذه الحكومة وتعويضها بأخرى تقنية تتماشي مع الظرف وتحسن ترجمة السياسة المتبعة لامتصاص الصدمات والهزات الارتدادية لما حدث ويحدث في الجوار قبل فوات الأوان.