دعا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بلخادم في ختام اجتماع قادة التحالف الرئاسي الدول الأجنبية التي طالبت قوات الأمن الجزائرية بضبط النفس إلى تطبيق ذلك على نفسها أولا. وانتقد السيد بلخادم في ندوة صحفية نشطها في ساعة متأخرة من نهار الأربعاء بعد اختتام أشغال قمة التحالف الرئاسي المنعقدة بمقر الآفلان موقف الإدارة الأمريكية التي دعت قوات الأمن الجزائرية بعد مسيرة 12 فيفري غير المرخصة إلى ضبط النفس، ودعاها إلى أن تحترم ذلك في تعاملها مع المواطنين الأمريكيين. وقدم أمين عام الآفلان مثالا عن حالة أمريكية وقعت فيها تجاوزات، حيث أشار إلى أن الأحداث التي عرفتها مدينة لوس أنجلس قبل سنوات على خلفية صدور حكم قضائي عنصري تصرفت فيها السلطات الأمريكية دون مراعاة ما تسميه ''ضبط النفس''، وسخرت 4500 عنصر من المارينز وأزيد من 22 ألف شرطي مما خلف نحو 100 قتيل. وقال في هذا الصدد ''عندما يتكلمون عن ضبط النفس عليهم بتطبيق ذلك على أنفسهم أولا وعلى من ردد الصدى تذكر ما شهدته بلاده من أحداث'' في إشارة منه إلى أعمال عنف عرفتها ضواحي باريس والمدن الكبرى الفرنسية. وأضاف ''نقول لمن يريدون إسداء النصح لنا أنه لم تخرج طلقة واحدة ولم يتم إطلاق أية قنبلة مسيلة للدموع'' خلال التجمعات الأخيرة مؤكدا أن ''حرية التعبير موجودة في الجزائر يبقى فقط اختيار الأسلوب الملائم الذي يرفع به هذا الرأي وهذا خوفا من حدوث الانزلاقات''. واعترف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني بشرعية بعض المطالب المرفوعة وقال ''نحن نؤمن بحرية التعبير والحق في تنظيم الاحتجاجات المرخصة التي تندرج في إطار تعدد الآراء''. غير أن الاختلاف يكمن بالدرجة الأولى في كيفية التعبير عن هذه المطالب، حيث ''نرفض تماما أن تنزلق الأمور وتصل إلى الحرق والنهب''. وحول سؤال يتعلق بالحق في تنظيم المسيرات خارج العاصمة أكد السيد بلخادم على أن ''حرية التعبير مضمونة لكن مع احترام النظام العام''، ونفى أن تكون ولاية وهران قد تلقت طلبا للترخيص لتنظيم مسيرة وتم رفضه. وفي سياق حديثه عن التطورات التي تعرفها البلاد تطرق السيد الرئيس الدوري للتحالف الرئاسي إلى كيفية معالجة وسائل الإعلام الأجنبية لما يحدث في الجزائر والتي ''تسوق لطروحات معينة دون التأكد من مصداقية الخبر'' مؤكدا على أن ''زيف هذه الإدعاءات ظهر من خلال الصور والأرقام''. ودعا السيد بلخادم جميع الأطراف الداخلية إلى عدم تشويه صورة الجزائر والإنقاص من أهمية الجهود المبذولة ''حتى وإن كانت غير كافية''، محذرا في ذات الوقت من التبعات التي قد تنجر عن زرع اليأس في نفوس الشباب. وضمن هذه الرؤية قال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي السيد أحمد أويحيى في الكلمة التي ألقها في افتتاح أشغال القمة إنه ''لا يمكن لأي أحد إدارة ظهره لتعبير المجتمع مهما كانت طريقته والشعب يبقى دوما هو السيد''. وشدد على ضرورة تقديم الحلول المناسبة لمعالجة هذه الانشغالات مذكرا بالإجراءات المتخذة في مجلس الوزراء الأخير. وحول المسيرات التي دعت إلى تنظيمها التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية كل يوم سبت قال السيد أويحيى أن ''أعضاءها أحرار وليس هناك حرج من أن يعبروا عن مطالبهم لكن في إطار احترام القوانين مع تجنب زرع الخوف في نفوس الجزائريين والوصول بغلطاتهم التي قد تكون غير مقصودة إلى خلق البلبلة''. أما رئيس حركة مجتمع السلم السيد أبو جرة سلطاني فقد أكد من جهته على أن الجزائر ''تمتلك تجربتها الخاصة في تسيير الأزمات''. وثمن الإجراءات الأخيرة التي تم الإعلان عنها والتي ''من شأنها الاستجابة لانشغالات الشباب''. وعند تقييمه لعمل التحالف الرئاسي خلال السبع سنوات الماضية أوضح السيد سلطاني أن التحالف لم يطور نفسه بالقدر الكافي نظرا ''لضعف ثقافة العمل الجماعي في الجزائر لاسيما العمل السياسي ولغياب التنسيق وبقاء عمل التحالف ممركزا على مستوى الجهاز التنفيذي والبرلماني. وبالموازاة مع هذا فقد توجت قمة التحالف الرئاسي المقامة بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة لتأسيسه ببيان دعت الأحزاب الثلاثة من خلاله إلى التخفيف من كل الإجراءات التي تشكل عبئا على المواطن في تعامله المباشر مع الإدارة والمؤسسات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وتقديم تسهيلات له في إطار القوانين المعمولة بها. كما أكدت على أهمية تفعيل قنوات الاتصال مع الشباب والمواطنين والاستماع إلى انشغالاتهم عبر مختلف المؤسسات والمصالح والهيئات المنتخبة ''لوضعها في الإطار الصحيح وتسخير الآليات والإمكانات لتحقيقها في إطار زمني معقول''. ودعا البيان من جهة أخرى إلى مضاعفة الجهود للوقاية من الفساد ومكافحته. وبخصوص الأحداث التي شهدتها الجزائر تعبيرا عن الانشغالات ''المشروعة'' للمواطنين أشادت أحزاب التحالف الرئاسي ب''نضج'' و''تفطن'' الشباب خاصة والشعب عامة ''بعدم الانسياق وراء الفتنة والفوضى ودعاة التعفين والتيئيس'' مشددة على أن ''الجزائر الدولة والأمة لن تعود إلى سنوات الدم''. وثمّن البيان في هذا الصدد الإجراءات والتدابير التي اتخذها رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء والمتعلقة برفع حالة الطوارئ وفتح المجال الإعلامي أمام المعارضة وتحسين الوضع الاجتماعي للمواطنين خاصة عبر توفير الشغل والسكن وحماية القدرة الشرائية ورفع فعل التجريم عن التسيير للإطارات.