لم يكن رئيس الوزراء السابق، الفريق أحمد شفيق وهو العسكري الذي استنجد به مبارك في الساعات الأخيرة من حكمه، يعتقد أن حصة تلفزيونية على قناة خاصة، ستعجل بالإطاحة به، بعدما تبين أن رصيده الشعبي قد انتهى، وأن محاولة النأي بنفسه وبتاريخه عن نظام مبارك البائد لم تعد تجد نفعا!؟ * وفي التفاصيل، أن أحمد شفيق قرر في محاولة أخيرة، أن يظهر على الفضائيات المصرية الخاصة، من أجل رفع أسهمه في الشارع، ووافق في هذا الصدد، على خطة وضعها له مستشاروه، بأن يدخل في مواجهات أو ما يشبه المناظرة مع أشد خصوم مبارك السابقين من أجل التبارز بالأفكار واستعراض عضلاته سعيا لكسب الشارع، فكان أن اتفق في البداية على الظهور في برنامج "مصر النهار ده"، وتحديدا في حلقة السبت التي يقدمها الإعلامي البارز محمود سعد، والذي عرف عنه، مناصرته للثورة، وخصومته للنظام السابق، وزاد من أسهم شعبيته، بقاؤه في البيت بدلا من التطبيل والتزمير لنظام مبارك، لكن محمود سعد اكتشف الخطة، وقام بإفسادها في اللحظات الأولى، حين بادر برفض مقابلة أحمد شفيق على شاشة التلفزيون المصري، قائلا إنه وضع استقالته، ردا على طلب المسؤولين في التلفزيون منه، أن يستضيف شفيق المرفوض من الشارع المصري!؟ * حينها، لم يكن أمام رئيس الوزراء السابق، إلا الموافقة على عرض آخر، قدمه له، رجل الأعمال الليبرالي البارز، نجيب ساوريس، عبر فضائيته الأون تي في، وكان يقتضي الاتفاق بظهور شفيق في مناظرة معدة مسبقا عبر برنامج "بلدنا بالمصري" الشهير، مع الأديب، وصاحب روايتي "عمارة يعقوبيان"، و"شيكاغو"، علاء الاسواني، وأيضا الإعلامي المعارض حمدي قنديل. لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث اشتدت المناظرة لدرجة تبادل الاتهامات والشتائم والتقليل من وطنية كل طرف، وهي الصورة التي لم يتعود عليها المصريون، خصوصا وأنهم اعتادوا على أن الوزير الأول، هو جزء من النظام، لا يجوز المساس به، بأي حال من الأحوال، لكن الأسواني، صاحب عبارة الديمقراطية هي الحل، في مقالاته المعارضة، استعمل كل أسلحته من أجل تعرية شفيق من آخر أوراق التوت التي كان يتستر بها، علما أن البرنامج العاصفة، جعل أحمد شفيق يخرج غاضبا ومستاء، وغير قادر على تحمل جرعة الحرية التي منحتها فضائية ساوريس لخصوم الحكومة الانتقالية!؟ * هذه الحلقة من البرنامج العاصف، جعلت المقربين من شفيق، يعتقدون أنها ساهمت بشكل كبير في التعجيل باستقالته، وهو الأمر الذي تم ساعات فقط عقب ظهوره على شاشة الأو تي في، علما أن الأمر يبدو مشابها جدا لما وقع في تونس، مع رئيس الحكومة السابق، محمد الغنوشي، حيث ظهر ليلة استقالته على قناة الجزيرة، في حوار مع الإعلامي الحبيب الغربي عبر برنامج الحصاد المغربي، وفقد أعصابه بعدما اتهم عهدة جهات بالعمل على الانقلاب عليه، متوعدا بالكشف عن أسماء هؤلاء، وإعداد خارطة طريق الأسبوع المقبل، لتبيين مستقبل تونس، لكن الغنوشي، رحل في اليوم التالي لظهوره على الجزيرة ليلا، مثلما كان الأمر بالنسبة لشفيق!؟ *