تتجه الأوضاع الأمنية بالمناطق المالية القريبة من الحدود الجنوبية للبلاد نحو الاستتباب النهائي، بعد حالة اللااستقرار التي ميزتها بإعلان ابراهيم آغ باهانغا زعيم أبرز فصيل لدى المتمردين التوارڤ سابقا، التراجع عن موقفه الرافض لاتفاق السلام الموقع مع حكومة باماكو. * باهانغا وبعد ما يقارب الثمانية أشهر من المنفى تعبيرا عن رفضه لاتفاق السلام الذي رعته الجزائر عبر سفيرها بباماكو، عبد الكريم غريب، قرر الخروج من عباءة الزعيم الليبي معمر القذافي، والنزول عند رغبة التوارڤ الباحثين عن السلم والاستقرار، وهو يرى البساط يسحب من تحت أقدامه كزعيم بشمال مالي، لصالح بعض رفقائه ممن كانوا دونه مرتبة، لمجرد أنهم انخرطوا في مسار السلام. * فقد أعلن محمد آغ قايب وهو أحد مقربي الزعيم التارڤي، أن باهانغا "قرر مغادرة التراب الليبي من أجل الالتحاق بمسار السلام الذي رعته الجزائر"، وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية "باهانغا يريد السلام، لقد قال ذلك للجميع.."، بالرغم من أنه كان قد قطع أشواطا من المفاوضات مع وزير الإدارة الإقليمية المالية، الجنرال كافوغونا كوني، قبل أن يغيب بصورة مفاجئة عن الجولات الحاسمة التي توجت جهود الوساطة الجزائرية، بالتوقيع على اتفاق لوقف القتال، أنهى معارك عديدة تعرضت لها مدن شمالية مثل كيدال، وخلفت مقتل العشرات من جيش النظام والموالين له من جهة، والمتمردين التوارڤ من جهة أخرى. * ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية تأكيدات عن مصادر دبلوماسية ليبية بمغادرة الزعيم التارڤي لبلادها، بعدما كان قد لجأ إليه مطلع العام الجاري، غير أنها لم تكشف عن وجهته المستقبلية، غير أن يرجح بأن تكون الوجهة نحو معاقله شمال مالي، بعدما كان تركها إثر انشقاق فصيله بين موال لمفاوضات السلام ومعارض لها، وتحول أنصاره كهدف للجيش النظامي. * ويعتبر باهانغا البالغ من العمر نحو أربعين عاما، أحد المحسوبين على السلطات الليبية في إدارة أزمة التوارڤ، بحيث تلقى نهاية الثمانينيات، تدريبا عسكريا بالجماهيرية قبل الانضمام في 1990 إلى حركة ازواد الشعبية، أبرز حركة تمرد من التوارڤ بقيادة اياد اغ غالي، وهي الحركة التي نجحت الجزائر في إقناعها رفقة الحكومة المركزية في تجاوز النزاع الذي نشب بينهما، فيما رفض باهانغا تولي منصب في الجيش المالي بعد إنهاء النزاع. * غير أن باهانغا لم يلبث أن عاد للقتال للمرة الأولى في 1999 عندما خطف عسكريين من الجيش المالي للمطالبة بإضفاء وضع مقاطعة ريفية على قريته انتادجيدي، قبل أن تنجح الوساطة الجزائرية مرة أخرى في إقناعه بالافراج عن الجنود النظاميين، ليعود مرة أخرى في ماي 2006 ويهاجم معسكرا للجيش في منطقة كيدال استولى خلالها على أسلحة، ثم تتدخل الجزائر مرة أخرى وتنجح في التوقيع على اتفاق للسلام جويلية 2006 في الجزائر بين حكومة مالي والمتمردين السابقين الماليين المنضوين تحت راية "التحالف الديمقراطي للثالث والعشرين من ماي"، وهو الذي لا زال ساري المفعول.