لم ينتظر هذه المرة الفنان اليهودي أنريكو ماسياس أي نبش للتاريخ من الطرف الجزائري في عز العدوان على لبنان في حكاية اليهود والمسلمين وأعلن خياره الذي لا رجعة فيه وهو ولاءه الكامل لإسرائيل وخاصة لجيش إسرائيل الذي قال بأنه لا يحمي الدولة الإسرائيلية من الإرهاب وإنما يحمي المجتمع اليهودي بأسره، والمطالب بالوحدة الآن أكثر من أي وقت مضى لأجل بقاء ما أسماه بالمعجزة الإسرائيلية التي جعلت (دولة) صغيرة من دون ثروات تنافس كبريات دول المعمورة وهي القابعة في قلب دول (متخلفة جدا) لا تنتج إلا الإرهاب. ناصر ما سياس الذي اشتهر بأغانيه الطفولية وخاصة أغنية enfants de tout pays التي تقول كلماتها (أطفال الدنيا إزرعوا الحب والصداقة).. ذات المطرب لم تحركه صور موت الأطفال في قانا، وتمسك بافتخاره بالجيش الإسرائيلي، وكان قد تلقى في وسط نيران الحرب شهادة (ماغاف) وهي شهادة اعتراف من حرس الحدود الإسرائيلي التي تُسلّم للذين يبذلون أموالهم وفنهم وأقلامهم في سبيل دولة إسرائيل قدمتها له منظمة (ميغدال) اليهودية التي تنشط في فرنسا. حفلة تكريم ماسياس في فرنسا عرته نهائيا وكشفت بأن الرجل يعيش لأجل إسرائيل وليس لحلم زيارة قسنطينة مسقط رأسه منذ 68 سنة، وحتى عودته إلى قسنطينة هي (لبنة) في البناء اليهودي، ففي حفلة تكريمه قال إنه فرح لأن قائد منطقة القدس هو الذي خصه بهذا التكريم واعترف ماسياس بأنه عاش منذ صغره من أجل دولة إسرائيل وجيشها (تساحل).. الحفلة انتهت بصياح هستيري لماسياس (عاشت إسرائيل.. عاشت إسرائيل). يذكر أن ما غاف التي أكرمت ماسياس هي قوة قتالية إسرائيلية قامت بقتل العديد من كوادر الحركة الإسلامية الفلسطينية وشاركت في الحرب على حزب الله، وقد بلغ عدد اليهود في فرنسا في آخر إحصاء عام 2003 حوالي 580 ألف نسمة ويبلغ عدد منظماتهم الكبرى ثلاثين منظمة أشهرها AIU، Alliance israéléte universelle والتي مقرها في باريس، ومن بين أعضائها ماسياس الذي كاد أن يزور قسنطينة في أفريل 1999وما زال يصر في مراحل (الهدنة) على تحقيق حلم حياته بزيارة مسقط رأسه قسنطينة ولو على جثث أطفال قانا والبقاع.. المهم أن ماسياس هذه المرة أطلق على (حلمه) رصاصة الرحمة، ودفن أمانيه وأماني الذين يحفظون أغنيته الشهيرة (غادرت موطني) واختار موقعا في قلب النار ولم يعد من أمل للذين مازالوا يحلمون بعودته سوى أن يحجوا هم إليه وليس العكس.