من يقرأ كتاب الهادي إبراهيم المشيرقي الموسوم ب"قصتي مع ثورة المليون شهيد"، يكتشف واحدا من الأحرار الليبيين الذين عملوا مع مناضلي الجزائر منذ 1947 وأسسوا خلال الثورة الجزائرية لجنة ليبية لمساندتها وكان أمينا لصندوق إعانة جيش التحرير، وهو أحد كبار التجار الذين وضعوا أموالهم وأملاكهم في خدمة الثورة الجزائرية. * قام بدور دبلوماسي فراسل معظم رؤساء دول آسيا وإفريقيا والعالم الإسلامي ببرقيات يقول في إحداها بتاريخ 9 / 5 / 1956: "أرغب في اهتمام حكومتكم لإنهاء إراقة دماء الشعب الجزائري المكافح من أجل الاستقلال"، كلفته الثورة بمهمات صعبة مثل شراء الأسلحة فكتب وصاياه إلى عائلته يتبرّأ فيها من علاقته بالثورة في حال استشهاده، حتى تبقى أمواله وأملاكه التي كانت قيادة الثورة تجتمع فيها، تحت تصرف قادة الثورة. * وحين استرجعت الجزائر استقلالها في 5 جويلية 1962 وبدأ الصراع على السلطة بين الجيش والحكومة، جمّد أموال صندوق الثورة حتى لا يستغل لصالح طرف على حساب آخر حتى حسم الأمر بين الفريقين المتصارعين على السلطة. * وفي عام 2000 أصدرت له وزارة المجاهدين كتابه السالف الذكر وهو يناهز 92 سنة، فكتب وصيّته الأخيرة أن يدفن مع شهداء الثورة الجزائرية، وحين توفي في طرابلس 2007 حاول القذافي أن يدفنه في ليبيا، لكن أفرادا من عائلته أجبروه على دفنه في الجزائر، فنقل جثمانه، واختارت له السلطات الجزائرية موقعا في مقبرة العالية ليكون إلى جوار شهداء الثورة تكريما له. * إذا كانت هذه صورة لشخصية ليبية ساندت الثورة واتخذت في وقت الأزمة موقف المحايد. فما هي صورة السلطة الجزائرية وموقفها إزاء ما يجري في ليبيا؟ *
* ثلاثة يساوون واحدا؟ * من يتوقف عند تصريحات الوزير الأول في (حوار الساعة) التلفزيوني، وتصريحات وزير خارجيته عبر وسائل الإعلام الغربية أو تصريحات وزير داخليته عبر (الشروق اليومي)، يجد نفسه أمام ثلاثة مواقف متناقضة تمثل الرئيس أو الموقف الرسمي للجزائر مما يحدث في ليبيا. * جميع قادة جبهة التحرير وحزب التجمع الوطني الديمقراطي لا يعترفون بوجود ثورة في ليبيا ويختلفون في تسميتها مثل وسائل الإعلام الرسمية التي تصفها تارة ب(المعارضة) وأخرى ب(التمرد). * يعتقد السيد الوزير الأول، أن الاعتراف الرسمي للجزائر سيكون بالطرف المنتصر، ومثل هذا الموقف يمثل "المرشح الافتراضي" لرئاسة عام 2014، وهو موقف لا يزيد أو ينقص من الثورة الليبية. * أما موقف وزير خارجيته فهو واضح وأنه مع "الدولة الليبية"؛ بمعنى أنه ليس محايدا في الصراع، بينما موقفه إزاء الأحداث التي شهدتها الجزائر خلال ما يسمى ب(العشرية السوداء) أمام الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان الفرنسي) فهو واضح ومناقض لمواقف الدولة الجزائرية، إذ يعتبر ما حدث "حربا أهلية"! فهل هذا التصريح "زلّة لسان" مثل تصريحه في قضية ما يسمّى بفضيحة عبر المؤمن خليفة؟