بالرغم من تطمينات وزارة الفلاحة والاتحاد العام للتجار، القاضية بعدم الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، يبقى المواطن الجزائري متخوفا، فأزمة ارتفاع الأسعار تقتحم السوق الجزائري كلما حل شهر رمضان، على رغم استقرارها خلال السنة. وما زاد من تخوفهم، هو ارتفاع بعض أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء. فبمجرد بدء العد التنازلي لشهر رمضان المعظم، بدأ لهيب بعض السلع والمواد الأكثر استهلاكا، لذلك وجهت "الأمة العربية" عدستها على عيون المواطنين التي أصبحت تترقب هذا الشهر الذي عادة يحرق جيوب محدودي الدخل وبعض التجار. بدأ الخوف يسري في بيوت المواطنين، خصوصا مع اقتراب موعد شهر رمضان الذي لا يفصلنا عنه سوى أيام قليلة، متوقعين أن ترتفع الأسعار كالعادة. والدليل حسب مواطنة جزائرية كانت متواجدة بسوق باش جراح هو بلوغ بعض أسعار الاستهلاكية الذروة، مع أن الشهر لم يحل بعد، فقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد على سبيل المثال من الدجاج، إلى أكثر من 350 دينار، وهو الذي كان يباع في فصل الصيف عادة بأبخس الأثمان، فقد وصل إلى غاية 150 دينار، وأحيانا أقل. وفي مقارنة بسيطة، وقفت "الأمة العربية" على تفاوتات كبيرة ما بين سوقين في بلديتين مختلفتين، في برج الكيفان وعين النعجة، إذ بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا بسوق عين النعجة، 30 دينارا جزائريا، في حين ناهز سعره 45 دينارا جزائريا في سوق برج الكيفان. وفي جولة إلى سوق علي ملاح ببلدية سيدي امحمد بالعاصمة، قال تاجر بالسوق إن الأسعار ملتهبة، حيث بلغ سعر الطماطم 50 دينارا، وتراوح سعر الكيلوغرام الواحد لليمون بين (250 300 دج)، كما وصل سعر الفلفل إلى 75 دج، في حين بلغ سعر الكيلوغرام الواحد للبصل إلى 40 دج. وأشار إلى أن أسعار الفواكه شهدت هي الأخرى ارتفاعا، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد للتمور 300 دج، كما زاد سعر العنب الذي وصل إلى 120 دج، أضاف نفس التاجر . ونوّه تاجر آخر إلى أن الارتفاع الذي تشهده الأسواق في شهر رمضان، طبيعي، لأن السوق تخضع لقاعدة العرض والطلب ومتاح فيها التنافس أمام الجميع، وبالأساس شهدت بعض المواد ارتفاعا بأسعارها حتى قبل قدوم شهر رمضان، مشيرا إلى أنه في هذا الشهر يرتفع الطلب على الخضر واللحوم وتزيد أسعارها بنسب تتراوح بين 25 و50 في المئة. لذا، يتوقع التجار أن تكون الأسعار في الشهر الفضيل ساخنة كحرارة فصل الصيف، خاصة المواد الغذائية الأكثر استهلاكا، لعل من أهمها اللحوم البيضاء والحمراء، فقد وصل في هذه الأيام سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج إلى أكثر من 350 دينار. "الأمة العربية" في جولتها التي قادتها إلى مختلف أسواق العاصمة، وأثناء ولوجها بعض المحلات واقترابها من المواطنين، فقد أكد الجميع أنهم يتوقعون أن ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية وتبلغ ذروتها، حيث أكد مواطن كان في سوق علي ملاح أن الأسعار سترتفع في الشهر الفضيل، مشيرا إلى أنه حتى "لو كان هذا الارتفاع بشكل طفيف، إلا أنه يعد ارتفاعا كبيرا بالنسبة إلى المواطن الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة أو الفقيرة، وبالتالي يصعب على العائلات اقتناء كل احتياجاتها في هذا الشهر". من جهته، أكد سعيد أب لخمسة أطفال، أنه غالبا ما يشتري احتياجات الشهر الكريم 15 يوما قبل حلوله بدلا من شرائها في هذا الشهر، خاصة أنها تبلغ ذروتها، متوقعا بلوغ مرحلة العجز عن تدبير أموره، خصوصا مع تزامن شهر رمضان مع الدخول المدرسي ونهاية عطلة الصيف، وقال إنه لاحظ ارتفاعا في الأسعار بأكثر من 40% في بعض الأحيان. وقالت سيدة لأسرة صغيرة مؤلفة من طفلين: "المواد التي كنت اشتريها ب 80 دينارا، أصبحت الآن ب 100 دينارا وأكثر. وقال مواطن آخر، إن الخضار كالفلفل، الطماطم، البطاطا والبصل، تشهد أسعارها ارتفاعا منذ فترة، كما شهدت الأسواق ارتفاعا في بعض السلع الأخرى كالزيوت واللحوم والأجبان، لتصبح موجودة فقط في متناول أصحاب الدخل العالي. أما أصحاب الدخل المحدود، تسقط من قائمتهم العديد من السلع، خصوصا أن قدوم شهر رمضان المبارك تزامن مع الدخول المدارسي، لتكون الضربة قوية على الأسرة الجزائرية. وتوافقه الرأي الحاجة ربيعة، قائلة إنه وعلى الرغم من التوقعات العديدة بالحد من ارتفاع الأسعار في شهر رمضان، إلا أنه وللأسف معظم التجار لا يهمهم إلا الحصول على أرباح، حيث يقومون باستغلال هذا الشهر لزيادة أسعارهم وتحقيق أرباح قياسية خلال فترة قصيرة، على الرغم من تصريحات وزير الفلاحة بالحد من هذا الارتفاع. وتشتكي السيدة حورية ربة منزل من ممارسات بعض التجار الذين يرفعون أسعار بعض المواد الاستهلاكية ويحتكرون بعضها، وتقول: بسبب قرب شهر رمضان، يقوم التجار باستغلال الزبون من خلال رفع أسعارهم بطريقة جنونية، فعلى سبيل المثال يقومون برفع أسعار الخضر والفواكه. أما عائلة ربيعي فكان رأيها مختلفا، إذ يقول محفوظ: "عائلتي ستستسلم للأمر الواقع، لذا فإني سأقوم بشراء جميع المواد الغذائية، وخصوصا أن شهر رمضان معروف باستهلاك المواد الغذائية الجديدة ولا يهم في نظري إن كانت أسعار المواد مرتفعة أم لا، ففي كلتا الحالتين سأشتري". وشاطرته الرأي الموظفة حكيمة: "شهر رمضان معروف باستهلاك مواد غذائية جديدة وبكمية كبيرة، لذلك فإني لن أخرج عن هذا العرف، إذ إن هذا الشهر يأتي في السنة مرة واحدة، سأشتري ما يرغب به أطفالي ولن أحرمهم ولا يهمني إن كانت سترتفع الأسعار في هذا الشهر أم لا". ومن جانبه، حذر رشيد بن عيسى وزير الفلاحة، مهنيي القطاع من الارتفاع الفاحش التي تشهده أسعار البطاطا، بالرغم من أن إنتاجها خلال هذه السنة قد بلغ 25 مليون قنطار، وأن حصيلة الإنتاج قد ارتفعت مقابل 7،21 مليون قنطار 2008 سنة، في الوقت الذي أكد مهنيو القطاع التزامهم وتجندهم لبلوغ الهدف المسطر في إطار عقود النجاعة. كما قال الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي لاتحاد التجار والحرفيين، "إنه لا مبرر لزيادة أسعار الخضر والفواكه، كون أن العرض متوفر وبكثرة. وإذا حدث ارتفاع في السعر، فالسبب هو نقص الأسواق التجارية، وهي مسؤولية السلطات المحلية من المجالس الولائية، والبلدية بالخصوص"، وأضاف بولنوار في ندوة صحفية عقدها يوم الثلاثاء بباش جراح "من 20 إلى 30 بالمئة من المنتجات التي تدخل إلى أسواق الجملة، لا تصل ألى المستهلك بسبب نقص الأسواق الجوارية"، وهو ما أكده فريد توامي رئيس اللجنة الوطنية لأسواق الجملة لخضر والفواكه، والذي حمّل بدوره المستهلك مسؤولية ارتفاع الأسعار. ويبقى المواطن الجزائري، الضحية الأولى وراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، والذي يدفع الفاتورة غاليا، لذلك فذوو الدخل المحدود والذين لديهم أسر كبيرة يعيلونها لم يبق في استطاعتهم تحمّل موجات الغلاء المستمرة التي طالت معظم الاحتياجات اليومية، وطال ارتفاع الأسعار معظم المواد الغذائية كاللحوم والأسماك والخضر والفواكه، ومن هنا تعالت الأصوات المطالبة بخفض الأسعار، لأن راتب المواطن قد لا يكفيه لمواجهة هذا الغلاء، خاصة وأن شهر رمضان تزامن مع الدخول الدراسي.