حل المؤسسة الوطنية للكتاب سبب القطيعة بين القارئ الجزائري والكتاب يكتشف زائر الصالون الدولي للكتاب الذي يحتضن فعالياته المركب الرياضي محمد بوضياف هوس الجزائري بالكتاب ومدى إقباله عليه بشكل فاق كل التصورات، وهو الأمر الذي يحطم الأسطورة الشائعة "الجزائري لا يقرأ" خاصة، وأنه يحرص ومنذ الساعات الأولى من افتتاح الصالون للسفر إلى العاصمة لا لشيء إلا من أجل اقتناء الكتاب. * "الشروق" التي اغتنمت فرصة الصالون الدولي للكتاب من أجل التقصي عن حقيقة مدى إقبال الجزائري على الكتاب، حيث التقينا العديد من المواطنين وأصحاب دور النشر الذين يشاركون في الصالون بشكل دائم، وكانت البداية ب"عبد القادر" الذي يشغل منصب أستاذ جامعي في جامعة الجزائر والذي صرح لنا قائلا "الأستاذ الجامعي كان لا يشتري الكتاب في السابق، وإن اشتراه فإن ذلك سيكون حتما على حساب استغنائه على بعض متطلبات الحياة وقد تصل إلى تقشفه في مصاريف اللباس والطعام، لكن الآن وبعد استفادته من زيادات في الأجور أصبح يتصل بمختلف دور النشر في الداخل والخارج من أجل اقتناء الكتب التي يحتاجها لتغطية صومه عنها طيلة السنوات الماضية، وأعتقد أننا بصدد تدارك ما فاتنا في السنوات الأخيرة، وذكر قارئ آخر قدم من البويرة خصيصا لزيارة الصالون أنه يحفظ مواعيد معارض الكتاب وأنه لا يفوت فرصة انعقادها من أجل اقتناء مختلف أنواع الكتب الأكاديمية خاصة الكتب ذات الطابع السياسي، التي تتناول القضايا الدولية الجديدة التي تفتقر إليها المكتبات الجزائرية، نحن في زمن العولمة ومن الضروري أن نطلع على الإصدارات الجديدة خاصة فيما يتعلق بمجال تكنولوجيا الاتصال، وقال "ياسر" وهو شاب في الثلاثينات يقيم في الإمارات العربية المتحدة أنه يحرص بشكل كبير على زيارة صالون الكتاب في الجزائر كل سنة من أجل الإطلاع على العناوين الجديدة وبشكل خاص الكتب الدينية. * كما التقينا العديد من زوار الصالون الذين حرصوا على التنقل من مختلف أنحاء القطر الجزائري وحتى من أقصى الجنوب على غرار الشاب "قاسم" الذي التقيناه في مدخل جناح دار القصبة، حيث قال لنا: "إنه حرص على السفر من ولاية أقصى الجنوب وبالضبط من ولاية أدرار من أجل اقتناء الكتب، خاصة في ظل النقص الذي تعانيه هذه المدن في مجال توزيع الكتاب وأضاف قائلا "أحرص على زيارة الصالون في كل طبعة من أجل اقتناء مختلف أنواع الكتب لي وحتى لأبنائي"، وأردفت سعاد وهي أستاذة جامعية من ولاية المسيلة "إنها تستغل فرصة الصالون من أجل شراء الكتب التي تحتاجها في عملها اليومي وحتى في مجال البحث". * وقال لنا سليم إنه يقرأ بشكل ملفت على غرار بقية الجزائريين وعلى مدار السنة، قائلا "توجد العديد من المؤشرات التي تدل على ارتفاع نسبة المقروئية في الجزائر وعلى المدى القريب بعد الانتعاش الذي عرفته سوق الكتاب خاصة في السنوات الأخيرة، وراح يحدثنا عن خلفية تراجع المقروئية في الجزائر في السنوات الماضية قائلا "قبل سنة 1984 كانت المؤسسة الوطنية للكتاب تستورد الكتاب الأجنبي كما تقوم بطبع ونشر الكتب المحلية ولهذا كان سعر الكتاب في متناول الطبقة المتوسطة وهي الطبقة التي تمثل غالبية سكان المجتمع الجزائري وفي سنة 1987 تم حل هذه المؤسسة وتصفيتها، وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث قطيعة بين القارئ الجزائري والكتاب، واستمرت هذه القطيعة لعشرية كاملة إلى غاية سنة 2000 بسبب توفر العديد من العوامل في مقدمتها غياب هذه الآلية -المؤسسة الوطنية للكتاب- التي استعملتها الدولة لضبط سوق الكتاب في الجزائر والأزمة الاجتماعية التي رافقت الأزمة الأمنية وارتفاع سعر الكتاب بسبب التخفيض المتعدد لسعر الدينار الجزائري وهذا ما يجعلني أقول إن الجزائري قارئ جيد ولكن الظروف التي مرت بها البلد في السنوات الماضية جعلته لا يقرأ الجزائري. * وفي حديث لصاحب دار نشر الطليعة اللبنانية المتخصصة في طبع ونشر الكتب الفلسفية والفكرية عن نظرته للقارئ الجزائري قال "إنه قارئ متنوع ويقبل على مختلف أنواع الكتب"، مشيرا إلى أن "المقروئية" تخضع بشكل كبير للإمكانيات الاقتصادية في مختلف الدول وكلما زادت القدرة الشرائية للمواطن فكر أكثر في شراء الكتاب والعكس". * وقال صاحب دار كتاب القانون المصرية أسامة شتات "أنه يشارك في الصالون الدولي للكتاب حتى منذ أول طبعة له، وحتى السنة الماضية عندما حرم المصريون من المشاركة في فعالياته بسبب الأزمة التي خيمت على العلاقات بين البلدين كنت الناشر الوحيد الذي حضر وشارك في الصالون"، مضيفا في سياق متصل "المواطن العادي الجزائري يحضر إلى الصالون ويقتني الكتب التي تتماشى مع فكره واكتشفت من خلال مشاركاتي المتواصلة في معرض الجزائر للكتاب أن القارئ الجزائري يفضل اقتناء الكتاب على الأكل".