صورة من الأرشيف عندما يمتحنك القدر بطفل معوق فتلك مأساة كبرى أما أن يمتحنك بأربعة أبناء دفعة واحدة لا يفقهون شيئا فتلك أكبر المآسي .. الحالة وجدناها لدى عائلة جلال القاطنة بمشتة تومغني في دوار أولاد مساعد ببلدية هنشير تومغني التابعة لعين كرشة بولاية أم البواقي وهي واحدة من أفقر مناطق الجزائر .. ورغم أن الأب جلال كان مجاهدا من ذوي الحقوق من رفقاء كريم بلقاسم كما أخطرتنا أرملته إلا أن وفاته عام 1987 جعلت أبناءه الأربعة المعوقين يعيشون الويلات، فلا المستشفيات قبلتهم ولا مصحات الأمراض العقلية تكفلت بهم وآخرهم حكيم المولود عام 1976 الذي وقفنا على حالته الصعبة، حيث يتميز بالعنف وإتيان أشياء لا تخطر ببال أحد مثل تناوله لفضلاته وفضلات الآخرين في منظر يصعب وصفه، ومع ذلك رفضه مستشفى الأمراض العقلية بجبل الوحش بقسنطينة، وأرجعه إلى أمه العجوز السيدة علجية البالغة من العمر 75 عاما، والتي تتقاضى حاليا مبلغ 17000 دج لتعيل أبناءها السبعة ومنهم المعوقين الأربعة.. تقول السيدة علجية للشروق إنها لم تشتك قدرها ومأساتها أبدا عندما كان زوجها إلى جانبها على قيد الحياة، وكانت تتمتع بكامل صحتها، ولكن أبناءها كبروا وأولهم عمار البالغ من العمر 47 سنة، وكبرت مشاكلهم فكلهم مرضى نفسيا وحالتهم في منتهى الخطورة، كما بيّنته التقارير الطبية التي بحوزتنا، حيث يحاولون الانتحار بشكل يومي وصعب مراقبتهم خاصة حكيم الذي يُكسر كل ما يجده أمامه وأحيانا ينزل إلى الطريق يعترض السيارات والشاحنات مما يعرض حياته وحياة الناس للمخاطر، خاصة أن ولاية ميلة المحاذية شهدت مؤخرا ثلاث جرائم قتل، المتهمون فيها من المرضى النفسيين، وتعاني ابنتها وردة أيضا من مرض نفسي وهي في سن 41 قالت بشأنها والدتها وهي تبكي "حلمت بأن أزوجها ولكن؟".. كما أن ابنها صلاح البالغ من العمر 38 سنة، لا يظهر أي أمل في شفائه وانتهاء بحكيم الذي صار أهل المشتة يسمونه القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي وقت في أهله أو في سكان المشتة وللقراء أن يتصوروا عجوزا في الخامسة والسبعين تعيش وسط عائلة من المعتوهين ذهنيا أصغرهم في سن الخامسة والثلاثية وأقلهم شدة وبأسا يهشّم يوميا زجاج نوافذ منازل السكان وسياراتهم.