لجنة التحقيق البرلمانية في احتجاجات السكر والزيت، التي اندلعت في أكثر من 17 ولاية مع بداية العام الحالي، قالت أنها لن تنشر نتائج عملها، إلا بأمر من رئيس الجمهورية شخصيا، وهو الرئيس الذي انقلب عليه البرلمان ذاته، حين رفض إصلاحاته المتعلقة باستقالة الوزراء قبل الانتخابات بثلاثة أشهر وكذا منع التجوال السياسي. * البرلمان أيضا والذي فتحت اليتيمة لبعض نوابه حصة تلفزيونية جديدة أول أمس لممارسة التبهليل السياسي والضحك على ذقون الشعب، هو أيضا من اتهم بعض النواب فيه آخرين بعدم الشرعية، وباحتلال مكانهم تحت قبته عن طريق "الشكارة" والرشوة والمحسوبية واستعمال النفوذ، لكن في المقابل، ماذا تتوقعون من برلمان، تابع للسلطة التنفيذية بشكل مخزٍ غير أن يكون مثل الأطرش في الزفة، لدرجة استنجاد رئيسه بالحكومة من أجل مكاشفة الشعب حول حقيقة انتفاضة السكر والزيت، علما أن الوزير الأول أحمد أويحيى سبق له التصريح في برنامج تلفزيوني على الهواء مباشرة أن هنالك مافيا تقف وراء الأحداث، دون تسميتها في الوقت الذي يقول فيه رئيس لجنة التحقيق البرلمانية أن الأحداث ليست سياسية، بل اعتباطية بسبب السوق السوداء وتجار الأرصفة مثلما نقلت بعض التقارير الإعلامية؟! * البرلمان الذي من المفروض أن يعبّر عن اختيار الشعب، يمارس مع المواطنين سياسة "محڤورتي يا مرتي"، فهو لا يستطيع تسمية مافيا السكر والزيت والفرينة في البلاد، ولا بارونات رفع الأسعار والتلاعب بها، كما لا يقدر على مواجهة وزير التجارة أو غيره بالتواطؤ والسلبية في التعامل مع الأزمة، فلا يجد غير البزناسة أو الباعة الجوّالين من أجل تعليق المسؤولية على عاتقهم، تماما مثلما تعامل بالأمس القريب مع قانون منع الشيفون، حين قرر الموافقة على تعرية الشعب الزوالي الذي يلبس من تلك الأسواق في مقابل استرضاء مافيا معينة أهلكها الشيفون ومشتقاته، والحجّة طبعا، الحفاظ على صحة الشعب؟! * البرلمان يشرب نخبه في صحة الشعب، ونوابه لا يكترثون في واقع الأمر من مجموع الإصلاحات سوى لقضية التجوال السياسي أو قانون الأحزاب، وكوطة المرأة في الانتخابات، وهي كلها إصلاحات تضمن مزيدا من المصالح لهؤلاء النواب الذين ليسوا سيئين في حقيقة الأمر سوى لأن الحكومة التي من المفروض أن يعملوا على مراقبتها سيئة مثلهم، بل أكثر منهم، وعليه، لم يعد أحد يحترم هؤلاء النواب ولا يكترث لنشاطهم، ولا يملك لمن تورط بالدخول في هذا البرلمان من الرجال المحترمين، وهم قلّة، سوى الدعاء والقول... اللهم خلصه من هذا البلاء وأنقذه من شرّ الولاء وعجّل له بالشفاء؟!