أطلق البنتاغون الأمريكي سراح جزائري رفقة اثنين آخرين من جنسية مصرية وأوزبكية كانوا معتقلين في سجن غوانتنامو الشهير، وهو ما أكده مكتب المستشار الإعلامي بالسفارة الأمريكية ماتيو غوشكو في اتصال مع "الشروق اليومي"، حيث أكد المسؤول الخبر، نافيا أن تكون السفارة على علم بتفاصيل أخرى حول اسم ولقب هذا الجزائري. لكن المثير في الإفراج عن الجزائري ورفيقيه الآخرين هو أن البنتاغون أمر بترحيلهم إلى ألبانيا دون أن يقدم توضيحات أكثر عن أسباب اختيار هذا البلد بالتحديد، وقد أورد بيان صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية الجمعة الماضية أن "المعتقلين الثلاثة تم اعتبارهم كما لو أنهم لم يكونوا محاربين أعداء"، وعبر البنتاغون الأمريكي في سياق ذي صلة عن "أمله في أن توفر ألبانيا محيطا يساعد على إعادة بناء حياتهم". ولم يعرف لحد الآن إن كان الجزائري المفرج عنه هو أحد الجزائريين الستة الحاملين للجنسية البوسنية الذين استلمتهم المخابرات الأمريكية عام 2002 رغم تبرئة القضاء البوسني لساحتهم من تهمة محاولة تفجير السفارة الأمريكية بذات البلد، أم أن المفرج عنه هو أحد الجزائريين التسعة عشر الذين وردت أسماؤهم وألقابهم في القائمة الشهيرة التي كشفت عنها إدارة سجن غوانتنامو شهر مارس الماضي، والتي ضمت 558 معتقلا منهم 25 جزائريا، يوجد منهم 13 جزائريا مصنفين في خانة "بدون معطيات إضافية" أو "مجهول مكان وزمان التوقيف"، وهؤلاء لم يذكروا إلا بالاسم و اللقب. وحسب صحيفة "الواشنطن بوست" في عددها ليوم الجمعة فقد أعطت الحكومة الألبانية الموافقة على اسقبال الثلاثة المفرج عنهم، بما فيهم المواطن الأوزبكستاني المولود بالاتحاد السوفياتي سابقا، وقالت الصحيفة أنها لم تتحصل على أسماء هؤلاء المفرج عنهم. وقد استمرت عملية البحث عن بلد لا ستقبالهم عدة أشهر حسب الإدارة الأمريكية، حتى استقر المقام على ألبانيا التي وافقت على هذا الطلب وأبدت مساعدتها في توفير الجو لهؤلاء ليعيدوا بناء حياتهم من جديد. ومن جهته، استغرب فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، قرار وزارة الدفاع الأمريكي ترحيل هذا الجزائري إلى ألبانيا دون سواها من البلدان، وقال في اتصال مع "الشروق اليومي" محاولا تفسير الأمر ب"أنه ربما تكون عملية الترحيل تلبية لرغبة المفرج عنه خصوصا وأن ألبانيا بلد به الكثير من المسلمين"، واستدرك قسنطيني بالقول "على كل ألبانيا خير من غوانتنامو..". وكان روبرت كيرش محامي الجزائريين الستة الحاملين للجنسية البوسنية والمعتقلين في غوانتانامو قد صرح في حوار ل"الشروق اليومي" شهر جوان الماضي، أن "الجزائر لم تطلب تسلم المعتقلين الستة لمحاكمتهم فوق أراضيها على خلفية اعتقادها أن هؤلاء لم يعتقلوا داخل أراضيها، كما أن الجزائريين الستة لم تكن هناك دلائل مؤسسة لإعتقالهم، وتسليمهم للإدارة الأمريكية من قبل القضاء البوسني غير القانوني"، مضيفا أنه "من ناحية أخرى فإن الحكومتين البوسنية والجزائرية طلبتا من إدارة بوش نفي هؤلاء المعتقلين خارج المعتقل ولم يهمهما الوقوف عند تفاصيل أو خلفية اعتقالهم". وفي هذا الإطار، يمكن على الأقل تفسير قرار البنتاغون الأمريكي ترحيل المعتقلين الثلاثة إلى ألبانيا، من منطلق أن لديه "ضوءا أخضر" من حكومات بلادهم للتصرف في الوجهة التي ترسلهم إليها بعد إطلاق سراحهم. على صعيد آخر، انتقد تقرير أكاديمي صدر الجمعة بواشنطن إجراءات حبس المعتقلين في غوانتنامو، حيث أوضح التقرير أن لجان مراجعة قانون "المحارب العدو" (مصطلح يطلق على معتقلي غوانتنامو) التي تبرر قرار حبس المتهمين في السجن الشهير، لا تترك أية فرصة للمعتقل كي يدافع عن نفسه. ومضى التقرير في كشف طريقة محاكمة معتقلي غوانتانامو بتوضيح أن "المعتقل يتم إجلاسه قبالة ثلاثة قضاة ووكيل جمهورية عسكري، مكبل الأيدي وبدون محام ولا يعطى له سوى ملخص عن التهم المنسوبة إليه، كما أنه لا يحق للمعتقل مطلقا الوصول إلى معلومات غير سرية تخص ملف الاتهام الموجه ضده". ومن ضمن الإجراءات غير القانونية المتبعة ضد المعتقلين، هو "رفض إدارة المعتقل جلب شهود معتقلين في غوانتنامو للشهادة مع أحدهم عند المساءلة"، كما أن لجان التحقيق تحظى بثقة عمياء لدى إدارة المعتقل. ونظرا للضغوط الكبيرة التي واجهها البنتاغون بسبب ظروف الحبس في غوانتنامو، فقد أعلنت الحكومة أنها تعتزم تحويل ما بين 60 و80 معتقلا للمحاكمة أمام محكمة عسكرية استثنائية، إلى جانب ترحيل 110 منهم إلى بلدانهم الأصلية دون أن توضح مصير العدد المتبقى وهو 250 معتقل. رمضان بلعمري: [email protected]