محمد يعقوبي: [email protected] حجم وخطورة العصابة التي أوقفتها مصالح الأمن بالعاصمة والمختصة في تزوير كل الأختام الرسمية وحتى الأجنبية تؤكد حجم وخطورة التركة التي خلفتها سنوات الإرهاب من اللصوصية والإجرام وابتزاز المواطنين في أموالهم وممتلكاتهم، فبينما كان الجميع وطيلة سنوات الأزمة يحارب الإرهاب أو يحاول الإحتماء منه بكل الطرق والوسائل. كانت عصابات السطو والإجرام تأخذ طريقها إلى التشكل والإستقواء من مظاهر الخوف والفزع واللاأمن في البلد، تماما مثلما استغل الكثير من البارونات سنوات الإرهاب للإغتناء على حساب المأساة الوطنية وعلى حساب الفلاحين البسطاء الذين كانت تدفع بهم المجازر الجماعية إلى الهجرة باتجاه المدن والإقامة في المستودعات أو في أسفل المباني وأقبية العمارات.. هذه الحقبة السوداء من تاريخ الجزائر هي التي فرّخت عصابات خطيرة و"محترفة" تستطيع أن تزوّر كل أختام الجمهورية لتبيع الشهادات المزورة إلى من يبحثون عنها بشق الأنفس. من الواجب الوطني أن تتحول مصالح الأمن بعد انتهاء حقبة الإرهاب إلى مكافحة هذا النوع من العصابات على أن يكون المجتمع كله عينا للدولة وعونا لها في تفكيك عصابات الأشرار التي تستهدف الطبقات الكادحة وتضرب البنية التحتية للبلد وتعيق أي إقلاع يمكن أن يحدث إقتصاديا كان أو سياسيا أو حتى ثقافيا (الجزائر عاصمة الثقافة العربية). رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم، سبق وأن أكد أن مكافحة الفساد هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن، غير أن الأمر عندما يتعلق بعصابات التزوير والنهب التي تستنزف الكادحين تتعاظم مسؤولية المواطن في كشف وتعرية مثل هذه الجرائم؛ ومؤكد أن المواطن الذي تسوّل له نفسه بالتعاطي مع هكذا عصابات والاستفادة من "خدماتها المزورة" هو شريك أساسي في جرائمها، لأنه لا يمكن لأي أسباب أو ظروف أن يبرّر الانخراط في اتجاهات الانحراف هذه. إنجاز عظيم أن تفكك مصالح الأمن عصابات على هذا القدر من الخطورة، وإنجاز أعظم أن تتواصل معركة الدولة ضد هاته العصابات، وأن تكون هذه المعركة في قائمة أولويات البلاد لتأمين مستقبل الأجيال من هذا الخطر الداهم.