الجماعات الإسلامية والصراعات الزعاماتية اجتماع مجلس الشورى في 11 / 08 / 1990... قراءة وإثراء القانون الداخلي * الحاضرون: الهاشمي، شيقارة، بن عزوز، بوخمخم، عبدالله حموش، علي بن حاج، تاجوري بوخضرة، العربي، بلجيلالي، سعيد قشي، جدي، رجام، سعيداني، سهلي بن قدور، كرار، بشير، بن نعمية، حسن ضاوي، مختار، بوكليخة.. * جدول الأعمال: متابعة قراءة وإثراء القانون الداخلي.. بدأنا بالمكتب التنفيذي البلدي ومسألة الجماعات الإسلامية وكيف نتعامل معها: جماعة محمد السعيد الملقبة بالجزأرة وجماعة الشيخ محفوظ وجماعة الشيخ عبد الله جاب الله.. بالنسبة للقانون الداخلي كان هناك تعارض بين تصورين: الأول يريد شورى شكلية والرئاسة الفعلية للرئيس ومكتبه التنفيذي. ورؤية أخرى ترى أن المجلس الشوري هو السلطة العليا والمكتب التنفيذي، كما يدل عليه إسمه، ينفذ قرارات المجلس الشوري ويعرض أعماله عليه وهو مسؤول أمامه بمن فيه الرئيس... سجلت تدخل الشيخ عباسي فقط في قوله: إن وجود الج.إ.إ الشرعي لا يكون إلا بعد المؤتمر.. ثم قال: الحقيقة إذا كنتم تريدون تفجيرها، فجروها.. وكأن الشيخ كان يشم شيئا من هذا القبيل أو جماعة زوار الليل كانوا يوسوسون له ذلك، أما ما أعرفه عن الإخوة، لم يكن أحد يريد تفجيرها بل كان أقصى ما يفعل هو الاعتزال، وللأمانة.. لابد أن أذكر هنا بعض ملامح شخصية الذين كنت أسافر معهم من وهران إلى العاصمة، فعلى سبيل المثال طيلة السفر كان الأخ كرار محمد لا يسمح لأحد أن يتطرق إلى موضوع من مواضيع مجلس الشورى في السيارة وينتهض فيه ويتبعها بقوله: أنا لا أريد أن أسمع كلاما يوحي بأننا نتآمر على الآخرين أو نتفاهم من قبل، لابد أن يحتفظ كل واحد برأيه حتى يبوح به هناك في المجلس ولا يشركنا فيه الآن، فهذه خدمة مشي امليحة وتسمى خديعة.. فهكذا كنا لا نتطرق لأي موضوع خوفا من أن يكون فيه إثم المكر السيّئ، فكنّا نحرص على أن نلتقي بالآخرين بصدر سليم، لم نفتش ولم نناقش أبدا موضوعا واحدا طيلة الست أو السبع ساعات أو في مجلس ما لوحدنا.. ولم نحقق أبدا في ماذا كان يقصد فلان أو علاّن، مباشرة بعد ان ينتهي المجلس، نغلق دفاترنا وعقولنا ونتكلم في أمور أخرى ونحكي نكتا والسائق يسوق والبعض نائم.. فهل كان إخواننا، جماعة بني وي وي، المحيطون بالشيخ عباسي يعاملوننا بالمثل أم كانت تحضر نفسها وتأتينا بأفكار مسبقة ومتفق عليها.. هذا ما سنراه قريبا يوم أن نلتقي أمام المولى، أحكم الحاكمين وتُسأل كل نفس ما كسبت ولنا أسئلة كثيرة نطرحها عليهم: وصفنا بالخونة وأصحاب بن بلة وأصحاب غزالي والمخابرات وغير ذلك.. من خان الأمانة وتسبب في الفتنة الذين سموا بالمنشقين أم أنتم أيها الأشقياء المخلوعين.. وآخر ما قاله سيد الشيخ له دلالة كبيرة وتوضح شخصية الرجل، قال: إذا كان مجلس الشورى يكون له سلطة على المكتب فإنكم ستخمدوها.. أي أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ في نظر سيد الشيخ نار ستخمد إذا كان لمجلس الشورى النظر على شخص الرئيس وزبانيته وهل رأي الجماعة خير أم رأي الفرد وحاشية بني وي وي لو كان المرء سليم الفطرة لفرح بوجود أشخاص يحرصون على سلامته وحسن تصرفه وقرأ هذا بأنه لطف من الله وشد لأزره ولكن أين المدرسة العمرية مدرسة "لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها".. ومازلت أكرر حكمة صالح الراشد قانون الجذب تصرخ هنا وتقول يا بّا ويا مّا أي يا أبتاه ويا أماه كم هي حقيقة كل من تمنى شيئا وفكر فيه ينجذب إليه ذلك الشيء ويحصل له.. تواصل الاجتماع حول موضوع الجماعات الإسلامية وموقفنا من دخولها في الجبهة إ.إ والوحدة معها.. فكانت التدخلات باختصار على النحو التالي: * العربي معريش: مادام الشرع لا يخالف الاجتماع بل يحث عليه فلابد لنا من الموافقة والحرص على استقبال إخواننا من الجماعات.. * علي بن حاج: من الناحية الشرعية لا يوجد جدال في عدم الاتحاد، لابد من الاتحاد. * عباسي: الجماعات الإسلامية منّا وليس لنا حق في الاحتكار، جماعة محمد السعيد وبوجلخة قالوا لنا نحن في سبيل الله معكم، جاءوا بدون شروط نقبلهم بدون شرط ومكانتهم في مجلس الشورى، جماعة الشيخ محفوظ مرحبا بها، فقد عرضوا علينا البقاء في جمعيتهم والتعاون في القوائم، لأننا في موقف حرج وحاسم، أقترح لجنة مصغرة من ثلاثة للالتقاء بالآخرين، الضمان أنتاع الجبهة هو أنتم، لابد أن تبقوا على النية الأولى، والله ماعندي نية مع آخرين، أنتم الذين قدمتم رقبتكم معي فكيف أخونكم، فإن خنتكم خنت نفسي.. أقترح لجنة تتصل بهم وتتفق معهم على الصيغة تقترح ميثاق الأخوة الإسلامية.. بالنسبة لأخينا محفوظ خطره أكبر، لكن هذا لا ينفي القبول به إذا قدم نفسه.. هؤلاء قد يدخلون اليوم ولكن قد يحاولون تفجيرها.. إن كونوا حزبا سينتهون.. لا يجوز لنا أن نحتكر المسؤولية، فإن جاء من هو أولى منا نفتح لهم الأبواب، ولكن لابد لهم من فسخ البيعة التي في أعناقهم لجماعتهم.. ولكن نحن نبقى أوفياء للعهد مع الله، قد يحاولون تفجيرنا ولكن نثبت.. والخلاصة في تدخل الشيخ في الموضوع: وحدة الموقف، أن لا يرتبطوا بغير الجبهة، نحن لسنا ملزمين أن نقدم لهم ما يستحقون، عدم العودة إلى التشكيلات القديمة، احترام السابقين في الج.إ.إ.. نحن لا نستطيع أن نحل الج.إ.إ، أن نخون الأمة، لذلك هم الذين يصعدون إليها، تؤسس لجان للاتصال بالجماعات وتعطى لهم الضوابط للقيام بالمفاوضات.. * عبدالله حموش: ذكر بالمواقف التاريخية لجبهة التحرير الوطني مع الأحزاب.. إن الج.إ.إ في نفس الوضع ويجب على الجماعات الإسلامية أن تلتحق بنا.. السؤال المطروح هو هل نقبل بوجود تكتلات داخل الجبهة أم نطلب منهم حل أنفسهم والالتحاق كأفراد.. * بوخمخم: يجب أن لا نقف مع إخواننا موقف جبهة التحرير الوطني مع الأحزاب ولكن نطرح معهم الموضوع حتى لا نكون السبب في صدّهم.. أنزلوا الناس منازلهم.. * كرار: القضية هي قضية عدل، نريد الإحسان، نحن رجال دعوة، نتواضع لهم حتى يتقبلوا التحول من التكتل إلى الحزب السياسي المعتمد العلني.. * نورالدين شيقارة: إذا كان لنا الخيار بين الموقف السياسي والشرعي نقدم الشرعي، لا ننسى الفضل ونأخذ حذرنا.. * علي بن حاج: من الناحية الشرعية لا يجوز لنا رد هؤلاء الإخوة، رغم ما قالوا فينا ولكن لابد أن نتسامى واستدل بمقطع من الآية الكريمة: (أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين) المائدة: 56. لا نتساهل في الضوابط، إنهم يشاركوننا في كثير من الأمور و(لا يحيق المكر السيّئ إلا بأهله) فاطر:43. * الشيخ عباسي: أعتقد أننا وصلنا إلى اتفاق وارتفعنا إلى مستوى الإسلام، إننا لم نحتكر.. الخلاصة في موضوع الجماعات الإسلامية كنت مع أغلبية الإخوة مشجعا للانفتاح على كل الجماعات وإعطائهم مكانتهم في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي وفي اللجان. أما اللجان التي كلفت بالاتصال بهم لم تقدم يوما تقريرا ولا سمعنا منهم نتيجة الاتصال بهم وكلما طرح السؤال غمّ في أجوبة واختلافات لم نكن نفهم مجراها وما تحتها إلى الآن.. بالنسبة لجماعة الجزأرة الكل، بدون استثناء، كان ينتظر متى يأتون بهم لمجلس الشورى والذين كانوا مكلفين بذلك جماعة علي جدي وبوخمخم وحشاني وعباسي، لماذا لم يأتوا بهم ولم يدعوهم للمجلس، ذاك ما سوف نعرفه يوم العرض وما أوصلوا لهم من زور وكذب عن مجلس الشورى، فالملاحظ أن جماعة الجزأرة كانت تظنّ أن هناك من يمانع دخولها وهذا ما لم نسمعه من أحد، بل كنّا ممن يحسبون منهم لكثرة ما نادينا بالاتصال بهم حتى قيل إن فلانا من جماعة الجزأرة لأنه يقطن في نفس المدينة التي تخرج منها الثلاث الأولون والأقدمون من الجزأرة.. وأما جماعة محفوظ فكم من مرة التقيت شخصيا ببوسليماني رحمه الله وبعض مرافقيه في منزله ومرتين بالشيخ محفوظ رحمه الله وحرصت على أن لا يتخلفوا عنا في الانتخابات التشريعية القادمة ولا أرضى لهم أن يقال فيهم إنهم انتهازيون لم يأتوا إلا من أجل المناصب، وكان الشيخان يشهد الله من أليَن الناس وأحرصهم على جمع شمل الأمة ولكنهم يرون أن المجال واسع والطريق طويل، رحمة بنا يجب أن نسير بتأنٍّ ويفهم من بعد نظرهم أنهم يشكلون حزام أمن لنا وللأمة الجزائرية، يصلون كل خيط مقطوع ويبشرون كل يائس فلا يبقى عدو ولا متشكك، وهي لمن يحب الخير للناس كافة عين الرحمة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا داعي لقراءة موقفهم من وجهة غير حسن الظن بهم.. وللنكتة والابتسامة ما حكاه أخونا محمد كرار في الموضوع قوله لأخينا محفوظ، ما هو المنصب الذي كنت تظنّ نسلّمه ونكلفك به لو أتيتنا، بالله عليك، ما هو؟ هل نضعك بوابا في الجبهة الإسلامية.. أقل ما نفكر فيه وأقول أقل منصب عندنا تستحقه أن نعينك النائب الأول لعباسي، هذا الأقل فما هو في نظرك أيها القارئ الكريم أوسط وأرقى منصب نكلف به الشيخ محفوظ لو جاءنا.. أما جماعة الشيخ جاب الله فلم يكن أحد يرفض وجودهم إلا تململ الذين كانوا سابقا من جماعته ويرون في شخصية الشيخ جاب الله قائدا لن يرضى بغير منصب الرئيس، فكانوا لا يرون التعجل في الاتصال بهم، ولكن يشهد الله أنهم جاءوا للمقر يوما وتحاوروا مطولا مع الشيخ عباسي..