انتهت مرحلة اللعب وبدأ الجد، لأن قط «ويكيليكس» يريد الإجهاز فعليا على فأر البتاغون ليتسنى للعالم رؤية الفضيحة وهي تنشب أظافرها وأنيابها في وجه أمريكا التي كانت قد فرضت نفسها كدولة ذات هيبة ومآلها اليوم أن تتحول إلى عصابة يحكم مؤسساتها أشرار ومرتزقة ومصاصو دماء. لقد تعهد المسؤولون في موقع «ويكيليكس» الالكتروني أمس السبت بنشر مزيد من الوثائق السرية الخاصة بحرب العراق، مؤكدين" أن نشرهم تلك الوثائق جاء من منطلق الدفاع عن الحقيقة في الحرب على العراق". أكد مؤسس «ويكيليكس» «جوليان أسانغ» في مؤتمر صحفي عقده في لندن صحة الوثائق السرية التي نشرها الموقع حول الحرب في العراق، وقال "إنهم سيقومون بنشر المزيد من المعلومات والوثائق". وطالب أسانغ الولاياتالمتحدة بدعمهم للكشف عن العدد الحقيقي لضحايا حرب العراق، وكشف جميع الملابسات. وأشار إلى أن نشر تلك الوثائق جاء بالتعاون مع مؤسسات صحفية عدة، مؤكدا "انه يحاول تأسيس تحالف على نحو متعلق بالصحفيين ومؤسسات البحث". وتابع "سنرى خلال الأيام القادمة النتائج المترتبة عليه"، مضيفا "نحن تحدثنا مع مصادرنا وطلبنا منهم نشر العدالة والتعاون معنا ونعتقد أننا لم نصل إلى الذروة ولكننا سنصل إليها بعد فترة". وأوضح "عندما أعلنا عن تسريب يوميات أفغانستان في 2006 استنكر البنتاغون هذه المواد وقال "إنها ضارة للأفغانيين وهذه التسريبات نشرت في الصحافة وبعد ثلاثة أشهر لم يكن هناك أي إلحاق بالأذى بالجنود الأمريكيين". وكانت الوثائق السرية التي سربها موقع «ويكيليكس» الجمعة وبثتها وسائل الإعلام كشفت أن عدد القتلى المدنيين العراقيين أعلى بكثير عما أعلنته الإدارة الأمريكية. وعرضت قناة «الجزيرة» 400 ألف وثيقة عن الحرب في العراق بالتعاون مع موقع «ويكيليكس»، مشيرة إلى أن هذه الوثائق التي بحوزتها تورط المالكي في عملية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. وأوضحت «الجزيرة» أن هناك 284 ألف ضحية منهم 190 ألف ضحية لقوا مصرعهم على يد ميليشيات مسلحة، لافتة إلى أن ثلثي هذا العدد قتل أغلبه عام 2005، وأن أكثر من أربعة ألاف ضحية قتلوا خلال شهر جانفي من هذا العام.
المالكي يمارس السياسية بقفازات القتلة كشفت وثائق سرية نشرها موقع «ويكيليكس» وبثتها قناة «الجزيرة» الجمعة تورط رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي والحرس الثور الإيراني في عمليات قتل وتعذيب ممنهجة ضد السنة كما أشارت إلى تستر قوات الاحتلال الأمريكي عن تلك الجرائم. وأشارت إلى أن قوة عسكرية تابعة للمالكي شنت عملية اعتقال ضد خصومه السياسيين، ولفتت إلى أن حكومة المالكي تميزت بالطابع الطائفي، وكانت تهدف إلى تصفية خصومه السياسيين التابعين للحلف السني. كما قام المالكي في عام 2009 بالقبض على خمسة من القيادات السنية التي رأى فيها تهديدا لنفوذه. وأثبتت الوثائق تورط المالكي في قتل عدد من خصومه السياسيين البارزين وعلى رأسهم محافظ نينوي بسبب مشاكله مع الأكراد، حيث تلقى المحافظ تحذيرا بعدم السماح له بتخطي نقطة تفتيش بعينها وإلا سيقابل بإطلاق النار عليه. وأصدر المالكي تعليمات لرجال الشرطة "في محاولة لاستعراض القوة" بعدم مساندة المحافظ في معركته مع الأكراد، وتركه وحيدا لتصفيته خاصة وأنه كان سنيا.
دولة المنظمات السرية... كما أفادت الوثائق أن إيران كان لها ميلشيات تأتمر بأمرها، وخاصة في محافظة البصرة، مشيرة إلى أن أكثر الجهات تورطا هي الحرس الثوري الإيراني حيث دخل بشكل مكثف في عمليات تهريب الأسلحة وخاصة لفيلق «القدس». وتؤكد الوثائق أن الشريط الحدودي الجنوبي العراقي والمحاذي لإيران استغل في عمليات تهريب أسلحة متعددة كان من ضمنها قذائف موجهة للطيران ومدافع «ار بي جي» وصواريخ ومواد شديدة الانفجار. وأشارت الوثائق إلى أن هناك محاولات عديدة لاغتيال عدد من القيادات السنية، وكان من أبرز هذه المحاولات دخول سيارة مفخخة تابعة لإيران من شمال العراق لقتل إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الأسبق عام 2006، وهو ما أدى إلى الإطاحة بحكم علاوي والمجيء بحكم المالكي. وتبرز الوثائق أن هذه العملية تمت على يد ميلشيات شيعية حصلت على دعم من الحرس الثوري الإيراني، حيث دخل أحد الشخصيات وكان يبرز جواز سفر يزعم أنه أبكم وذلك لعدم كشف لهجته الفارسية وكشف فيما بعد أنه العقل المدبر لعميلة اغتيال علاوي. ولفتت الوثائق السرية التي سربت عن طريق "ويكيليكس إلى" خطورة الدور الإيراني في تصفية بعض العراقيين من السنة، بالإضافة إلى دور إيران في المواجهات بين الميليشيات الشيعية والقوات الأمريكية بالعراق. وأشارت إلى أن المسؤولين الأمريكيين كانوا على علم بما يحدث في السجون العراقية إلا أنهم كانوا يأمرون جنودهم بغض الطرف. رغم الانتهاكات الجسيمة في مراكز الجيش والشرطة العراقية.
بوش صامت.. بوش يقول: دعوا السكاكين العراقية تقطع رقاب العراقيين كما كشفت الوثائق عن 1000 عملية إجرامية قام بها عناصر الشرطة والجيش العراقي وذلك في مراكز التعذيب. حيث تم استخدام عمليات التعذيب وأبرز هذه العمليات التعذيب بالكهرباء وعلى الأعضاء التناسلية وعلى الصدر والأقدام والوجه. وقى في شهر واحد 142 شخصا مصرعهم جراء عمليات التعذيب في السجون العراقية. وأثبتت الوثائق أن عمليات التعذيب تمت كلها بمعرفة الشرطة والجيش العراقي، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة طالبت جنودها بغض الطرف عن عمليات التعذيب التي يقوم بها العراقيين ضد العراقيين. ورأى «دونالد رامسفيلد» وزير الدفاع السابق في عهد الرئيس الأمريكي السابق «جورج دابليو بوش»، بضرورة الصمت والإبلاغ فقط الجهات العراقية المختصة. وأثبتت الوثائق أن هناك مليشيات استخدمت سجون خاصة بها لصالحها لارتكاب عمليات التعذيب ضد السنة من العراقيين. وفي أكبر عملية تحقيق أمريكية حول حقيقة السجون السرية في العراق تقدم الجنود الأمريكيون ببلاغات لرؤسائهم تكشف 145عن عمليات تعذيب تعرض لها مدنيين عراقيون على يد الشرطة العراقية. وأشارت إلى أن الشرطة العراقية قامت باعتقال أحد العراقيين وتعذيبه بالضرب والكهرباء، حتى الموت، ثم تسجل الحادثة على أن الضحية وقع من دراجة نارية أثناء سيره بها، بالإضافة إلى مقتل معتقل عراقي آخر جراء التعذيب وتظهر صور معاناته إلا أن واشنطن لم تحرك ساكنا. ولفتت الوثائق إلى أن أمرا أمريكيا صدر في عام 2005 يطلب من العسكريين الإبلاغ عن تجاوزات الشرطيين العراقيين في حق بني جلدتهم، إلا أن ذلك لك يكن له أي صدى. وكان جنرال أمريكي طلب التحرك لإيقاف التعذيب، لكن «رامسفيلد» رأى الاكتفاء بالتبليغ دون التدخل. وكشفت إحدى الوثائق أن قائد في فرق الموت بجيش المهدي قال انه كلف في عام 2006 بقتل رئيس الوزراء العراقي نورى المالكي.
كم عدد القتلى المدنين في العراق...؟ تظهر تقارير سرية عسكرية أمريكية يستعد موقع ويكيليكس لنشرها واطلعت عليها سلفًا قناة "الجزيرة" القطرية وبعض وسائل الإعلام العالمية الكبرى أن عدد القتلى المدنيين في العراق أعلى بكثير مما أعلن عنه حتى الآن، وكان للقوة الجوية نصيب وافر في هذه الخسائر البشرية الهائلة. وتتحدث الوثائق التي راجعتها "الجزيرة" وحللتها على مدى أشهر عن 285 ألف ضحية سقطت منذ بداية الغزو الأمريكي في 2003 بينها 109 آلاف قتيل على الأقل، 63% منهم مدنيون، و15 ألفا منهم مجهولو الهوية. وتظهر الوثائق أن شهر ديسمبر2006 كان الأكثر دموية في العراق، وقتل فيه 5183 شخصا، صنف 4000 منهم على أنهم مدنيون. وقد كان للقوة الجوية دور رئيسي في وقوع هذا العدد الكبير من القتلى المدنيين. وتظهر مثلا برقية عسكرية سرية أن طائرة أف 15 ألقت في 9 أيلول 2005 قنبلتين على هدف وألحقت به إصابات بالغة. واكتفت الوثيقة بالقول إن الأضرار في ساحة المعركة حيث "استهدف مسلحو القاعدة" غير معروفة، لكن برقيات لاحقة تحدثت عن ثمانية قتلوا بينهم أربعة أطفال وامرأتان، ما جعل الجيش الأمريكي يصدر بيانا يتحدث عن عدد غير معروف من القتلى المدنيين سقطوا في الغارة. ولم تدون المعلومات السرية الأمريكية عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجمات الجوية على الفلوجة في 2004، لكن موقع إحصاء الضحايا العراقيين (بودي كاونت) تحدث عن 600 مدني على الأقل قتلوا في المدينة، وقال إن دور الهجمات الجوية "كان غاية في الأهمية". وبعد أن كانت أرقام القوة الجوية تظهر أن التحالف كان يلقي أربع قنابل أسبوعيا في العراق في 2006، ارتفع الرقم في العام الموالي إلى أربعة قنابل يوميا. وفي 2009 اعترف القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفد بترايوس بالخسائر البشرية الهائلة التي ألحقتها الغارات الجوية في العراق. «بلاك ووتر» تقتل لتحصل على 100 مليون دولار في العام كشفت الوثائق السرية الأمريكية أن شركة «بلاك ووتر» كان لها نصيب الأسد في عدد الضحايا العراقيين الذين لقوا مصرعهم في ظل الاحتلال الأمريكي. وقالت الوثائق إن شركة «بلاك وتر» تمتعت بأفضل عقد يحميها من المساءلة القانونية، ويجلب لها أكبر قدر من الأموال. وأثبتت الوثائق أن موظفي «بلاك وتر» قتلوا 15 شخصا في عام 2004، بالإضافة إلى مقتل 4 آخرين داخل سيارتهم، ومع ذلك كانت تتقاضى «بلاك ووتر» أكثر من 100 مليون دولار في العام. وأشارت الوثائق إلى وقوع أكثر من 14 حادثة في عام 2005، لقي خلالها عشر أشخاص مصرعهم وأصيب 270 آخرين. وفي عام 2005 قامت شركة «بلاك وتر» خلال إحدى العمليات بقتل عائلة كاملة، كما قامت عام 2006 بقتل سائق سيارة إسعاف بالإضافة إلى الضحايا الذين كانوا بالسيارة. وفي عام 2007 طلبت الحكومة العراقية برحيل «بلاك وتر» إلا أن الولاياتالمتحدة جددت العقد في عام 2008. من ناحية أخرى، نشر موقع «ويكيليكس» أنه تلقى إفادة من وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاغون» أن تسريب هذه المعلومات يخضع لقانون التجسس، في إشارة إلى إمكانية ملاحقة المنظمة بتهمة التجسس. وطالب البنتاغون من «ويكيليكس» ضرورة وقف هذه الوثائق، حيث أن نشرها يشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، حيث أكد قيادي رفيع المستوى في البنتاغون أن نشر هذه الوثائق يشكل خطرا على الجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان ويرفع من كراهية الشعوب العربية والإسلامية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وزعمت أن معظم هذه الوثائق ملفقة وتنطوي على وقائع كثيرة غير حقيقية وأن هذه الوثائق ضخمت من هذه المعلومات لإحداث ضجة إعلامية بأوساط الرأي العام الأمريكي والعالمي.
جوليان أسانغ الذي أتعب أمريكا ولم يتعب.. من قرصان معلومات إلى صانع تاريخ جوليان أسانغ الذي كشف موقعه ويكيليكس الجمعة وثائق سرية حول الحرب في العراق، يسلط الأضواء على الفضائح المخفية في العالم لكنه شخصية غامضة وبارعة في إحاطة نفسها بالسرية وأسانغ مؤسس ويكيليكس المتخصص بتسريب وثائق سرية، استرالي في التاسعة والثلاثين من عمره، يجمع معلومات من العراق إلى كينيا مرورا بأيسلندا والحرب في أفغانستان. وقال مؤسس ويكليكس لوكالة فرانس برس في ستوكهولم في أوت "نريد تحقيق ثلاثة أمور: تحرير الصحافة وكشف التجاوزات وإنقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ". وبنشره 77 ألف وثيقة عسكرية سرية حول أفغانستان في 23 جويلية أثار زوبعة إعلامية وسيلا من الانتقادات خصوصا من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التي تتهمه باللامسؤولية وبتعريض حياة مدنيين وعسكريين للخطر. وفي نهاية سبتمبر، دفع عن نفسه قائلا أن "هدفنا ليس التجريح بأبرياء (...) بل العكس تماما". وأصبح أسانغ الرجل الذي يخيف وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) الأمريكية، صائد التجاوزات ورسول الشفافية.. لكنه يبقي لغزا يرفض -- لأسباب عديدة منها الاحتراز -- البوح بتاريخ ولادته بدقة. وقال "نواجه منظمات لا تخضع لأي قوانين. نحن أمام وكالات استخبارات". وبعد أيام من هذه المقابلة اتهم جوليان أسانغ في قضية اغتصاب في السويد. لكنه نفى تورطه نفيا قاطعا وتحدث عن "قضية مفتعلة". ولد أسانغ في 1971 -- يرفض أن يذكر أي تفاصيل -- في مانييتيك ايلند شمال شرق استراليا. وقد أمضى طفولته متنقلا مما أدى إلى دخوله 37 مدرسة، كما روى لوسائل إعلام استرالية. وأمضى سن المراهقة في ملبورن حين اكتشف موهبته في القرصنة المعلوماتية. وضبطته الشرطة لكنه تمكن من الإفلات باعترافه بذنبه ودفع غرامة وبقسم بأنه سيحسن السلوك. ويضيف "أصبحت بعد ذلك مستشارا أمنيا وأسست إحدى شركاتي الأولى للخدمات المعلوماتية في استراليا. وكنت مستشارا في التكنولوجيا وباحثا في الصحافة وشاركت في تأليف كتاب". وأسس موقع ويكيليس في 2006 مع "حوالي عشرة أشخاص آخرين جاءوا من وسط حقوق الإنسان ووسائل الإعلام والتكنولوجيا العالية"، على حد تعبيره. ويزن هذا الرجل الممشوق القامة والمهذب وصاحب الابتسامة الساخرة، كل كلمة يتفوه بها ويتمهل قبل الإجابة ما يجعل خطابه واضحا شفافا ومتقن جدا. ويصعب معرفة أي شيء عن تنقلاته فهو يرفض القول من أين أتى والى أين يذهب، وينتقل من عاصمة إلى أخرى ويسكن لدى أنصار أو أصدقاء لأصدقاء. ومنذ نشر وثائق سرية عن أفغانستان أحاط نفسه بسرية تامة. وتعد أيسلندا والسويد حيث يحظى بدعم وبتشريعات مواتية محطتين مفضلتين في رحلته الدائمة في العالم، من لندن إلى نيروبي ومن هولندا إلى كاليفورنيا.