كشفت مصادر نقابية أن المُستحقات الإجمالية للبنوك العمومية لدى مؤسسات صناعة النسيج والجلود تبلغ حاليا ما لا يقل عن 700 مليار سنتيم، وقد أرجعت مصادرنا هذه الوضعية إلى الديون المتراكمة الناتجة عن عدم تسديد الضرائب المُستحقة، واعتبرت في المُقابل أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية لفائدة هذا القطاع في إطار قانون المالية التكميلي للعام الجاري تبقى غير كافية على الرغم من أهميتها. أشارت مصادر قيادية من داخل الفيدرالية الوطنية لعمال النسيج والجلود إلى أن الزيادات الأخيرة في الأجور التي تراوحت بين 12 و20 بالمائة قد تم تطبيقها عبر كافة المؤسسات، في وقت أشارت فيه إلى حدوث نوع من التماطل لدى بعضها في البداية قبل أن تخضع للأمر الواقع بما تنصّ عليه الاتفاقية الجماعية، كما دعت على هذا الأساس السُلطات العمومية إلى ضرورة إعادة الاعتبار لقطاع النسيج بمُختلف تفرّعاته. وقالت الجهات التي تحدّثت ل«الأيام» إنه بإمكان قطاع النسيج والجلود أن يكون مُساهما في تنمية الاقتصاد الوطني، كما أكدت أن المؤسسات الوطنية قادرة على رفع التحدّي ومُنافسة المنتوجات القادمة من الخارج، وبرأيها فإنه يكفي فقط أن تحظى هذه المؤسسات بمزيد من الرعاية والاهتمام من طرف الحكومة، حيث بيّنت أن مؤسسات النسيج تضرّرت بشكل كبير على خلفية عمليات التسريح والغلق التي مسّت آلاف العمّال مما ترك معظم مُركبات النسيج عاجزة على المستوى المالي وأيضا على مستوى التكوين. وخلال حديثها عن الوضعية المالية لمؤسّسات صناعة النسيج في الجزائر، أعلنت مصادرنا بأنه رغم بعض المكاسب التي تحقّقت خلال الفترة الأخيرة، غير أن ذلك لم يكن كافيا من أجل تخليصها من ثقل الديون البنكية وكذا الديون الناتجة عن الضرائب والتي بلغت لوحدها ما يزيد عن 700 مليار سنتيم، وهو ما برّرته بالفوضى التي عرفها القطاع في عُشرية التسعينيات من خلال طريقة فتح السوق التي تمت، حسبها، بشكل غير مُنظم، زيادة على كونها لم تكن مُراقبة مما فتح الأبواب على جميع أنواع الاستيراد الفوضوي. وإذا كانت الجهات ذاتها تحدّثت عن التبعات السلبية التي أحدثتها تلك «السياسة غير المدروسة»، فإنها لم تغفل الإشارة من جهة أخرى إلى أن المُستهلك الجزائري اكتشف، مع مرور الوقت، ما أسمته «النوعية الرديئة للمنتوجات المستوردة»، وقد خصّت بالذكر السلع القادمة من الصين، وهو الأمر الذي دفع الجزائريين إلى العودة للمنتوج الوطني. وبالتزامن مع ذلك جاءت هذه العودة موازاة مع الإجراءات التي أقرّها قانون المالية التكميلي لسنة 2010 والتي عادت بالإيجاب على المؤسسات الوطنية، لكن مصادرنا تساءلت إن كان قطاع النسيج والجلود أصبح فعلا من أولويات الحكومة، مثلما أثارت إشكالية عدم تخصيص برنامج لفائدته خلال المخطط الخماسي الجديد، كما أنها لم تتوان في انتقاد سياسة الحكومة بعدم إشراك الشريك الاجتماعي في إستراتيجية بعث هذا القطاع. كما أعادت الجهات النقابية طرح إشكالية نُقص المواد الأولية بمُركبات النسيج، وبموجب ذلك لم تستبعد أن تتسبب هذه النُدرة في إحالة الآلاف من العمال على البطالة التقنية إذا لم تتدخّل الجهات الوصية لإنهاء هذا الانشغال الذي يُثير تخوّفات المؤسسات، وهو الأمر الذي سيفتح الباب أمام عودة الحركات الاحتجاجية بالنظر إلى ما أسمته «حالة التململ» في أوساط هؤلاء العُمّال. زهير آيت سعادة