اقترح نواب من الغرفة البرلمانية السفلى إدخال مشروع تعديل على مشروع قانون المالية لسنة 2011، في باب الميزانية التي تخصصها الحكومة سنويا كدعم للأحزاب حسب عدد أعضائها في البرلمان بغرفتيه، باقتراح على أن تكون هذه المساعدة على أساس تصريح شخصي وسنوي لكل برلماني ولا تمنح للأحزاب مباشرة، وهو المقترح الذي ينتظر أن يثير زوبعة لأنه سيكون بمثابة ضربة قاضية لحزب العمال الذي يشهد باستمرار هجرات جماعية لنوابه. مشروع التعديل جاء بمبادرة من نواب في حزب جبهة التحرير الوطني الحائز على أكبر عدد من المقاعد في الغرفة البرلمانية السفلى، ويهدف إلى مراجعة وتعديل المادة الخاصة بالمساهمة المالية التي تمنحها الدولة سنويا للأحزاب السياسية حسب عدد برلمانييها والمقدرة ب400 ألف دينار عن كل نائب، حيث يهدف أصحاب التعديل إلى أن تكون هذه المساهمة على أساس تصريح شخصي وسنوي لكل برلماني، وليس اعتمادا على نتائج الانتخابات التشريعية التي يعلنها المجلس الدستوري.
ومن وجهة نظر أصحاب التعديل الذين تحدثنا إليهم فإن مشروع التعديل يهدف إلى إضفاء نوع من الواقعية على هذه المساهمة التي تقدمها الدولة في إطار تمويل الأحزاب، حيث تذهب في كثير من الأحيان لأحزاب على أساس عدد المقاعد التي حازت عليها في بداية العهدة التشريعية، بينما في حقيقية الأمر أن عديد من هؤلاء النواب يكونون قد غادروا الحزب الذي انتخبوا في صفوفه لسبب أو لآخر أو أنهم طردوا من الحزب، فمن غير المقبول والأخلاقي في رأي محدّثنا أن تستمر قيادة الحزب في أخذ مبالغ مالية عن نواب لم يعودوا مناضلين في هذا الحزب. وينتظر أن يثير مشروع التعديل الذي رفعه أصحابه إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني زوبعة بين النواب، وأن يكون بمثابة ضربة قاضية لزعيمة حزب العمال «لويزة حنون» بالنظر إلى أن حزبها هو الأكثر عرضة لهجرات جماعية للنواب في إطار ما أصبح يعرف بالتجوال السياسي للنواب، بسبب الخصم الكبير الذي تفرضه قيادة الحزب على مرتبات النواب والذي كان يصل إلى ثلثي المرتب تذهب إلى خزينة الحزب، وأصبحت مؤخرا هذه المساهمة المالية بعد رفع مرتبات النواب إلى نصف المرتب، وهو ما يدفع عديد من نواب حزب العمال إلى الاستقالة من الحزب ويلتحقون بتشكيلات سياسية أخرى ولا سيما حزب جبهة التحرير الوطني، وفي المقابل فإن المساهمة المالية التي تمنحها الدولة للأحزاب سنويا تظل على أساس عدد المقاعد التي حاز عليها الحزب في الانتخابات التشريعية. وفي المقابل فإن أحزابا أخرى على غرار الأفلان، كثيرا ما تكون وجهة لعديد من النواب القادمين إليها من تشكيلات سياسية أخرى، مثلما هو الحال عليه في العهدة التشريعية الحالية حيث يصل عدد نواب الكتلة في المجلس الشعبي الوطني إلى ما يقارب 200 نائب، بينما المساهمة المالية التي تحصل عليها سنويا من خزينة الدولة هي عن 162 مقعدا فقط الذين حاز عليهم الحزب في تشريعيات 2007، كما يرى أصحاب التعديل أن هذه المبادرة في حال اعتمادها من شأنها وضع حد لتعسف بعض القيادات الحزبية التي لا تتوان عن طرد برلمانييها سواء في المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة من الحزب لأسباب غير موضوعية.