لم يجرؤ رموز الحركة التقويمية للأفلان على ذكر الرئيس «بوتفليقة» وعلاقته بحركتهم من قريب أو بعيد، وحتى عندما قرر خصمهم الأمين العام «عبد العزيز بلخادم» الإعلان في الاجتماع الأخير للجنة المركزية عن ترشيح الرئيس لانتخابات سنة 2014 فضّل فريق التقويميين الصمت غير أنهم يقولون همسا إنهم أولى ب«بوتفليقة» من غيرهم. لا يكاد أحد يصدق أن الوزير «الهادي خالدي» يجرؤ على معارضة الأمين العام للأفلان دون أن تكون وراءه قوة دافعة توعز له بقيادة «التمرد»، فعلى عكس ما جرى في مرات سابقة لم تكن الوجوه المعارضة تلك الشخصيات التي عرفت بنفوذها الكبير في الحزب، بل يتعلق الأمر بوزير التكوين المهني ووزير سابق استعان بوجوه تنسب إلى ما يسمى الحرس القديم من أمثال «عبد الرزاق بوحارة» و«صالح قوجيل»، في حين فضّل وزراء ذوي ثقل في الأفلان مثل «عمار تو» و«الطيب لوح» و«سعيد بركات» و«رشيد حراوبية»، وهم من الوجوه التي تمردت على الأمين العام السابق «علي بن فليس»، أو يلوذوا بالصمت وأن يلجأوا إلى غطاء الشرعية مواظبين على حضور اجتماعات اللجنة المركزية دون أن يتخذوا موقفا منحازا إلى أي من الفريقين وتركوا مهمة الدفاع عن القيادة الحالية ل«عبد العزيز بلخادم» وحده. والحقيقة أن هؤلاء جميعا ليسوا مستعدين للتضحية دفاعا عن «بلخادم»، وهم ليسوا من المتزمتين في التمسك بالشرعية والتطبيق الحرفي للقانون الداخلي للحزب، لكنهم يفضلون التريث الآن إلى حين اتضاح الرؤية ومعرفة أي فريق سترجح كفته مستقبلا، ولأن «بلخادم» يعرف جيدا رفاقه وأساليبهم فقد بادر أولا إلى البحث عن المعلومات من خلال قنواته الخاصة، وهكذا سعى إلى معرفة موقف الرئيس «بوتفليقة» من محيطه القريب وكان استنتاجه أن الرئيس ومقربيه لا علاقة لهم بما يجري في الأفلان، وأكثر من هذا توصل إلى استنتاج بأن الجهات الرسمية ومؤسسات الدولة لا دخل لها في القضية، غير أنه لم يقتنع تماما على ما يبدو فاتجه رأسا نحو طرح السؤال علنا حتى يحدث الفرز في المواقف ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. اختصر «بلخادم» الطريق وقال أمام الجميع في اجتماع اللجنة المركزية إن الرئيس «بوتفليقة» سيكون مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية التي ستجري سنة 2014، ولا أحد صدق بأن الأمر يتعلق بموقف حزبي، لكن الرجل أراد أن يضع خصومه في الزاوية، فالإعلان يوحي باتهام ضمني للحركة التقويمية بأنها تستهدف العلاقة بين الأفلان ورئيس الجمهورية، ومن زاوية أخرى يمكن أن نقرأه على أنه استعجال لمعرفة الموقف الحقيقي للرئيس ومحيطه مما يجري، فالمستقبل السياسي ل«بلخادم» مرتبط ب«بوتفليقة»، ومن هنا فإنه إذا كانت الحركة التقويمية تستند إلى دعم من الرئيس ومحيطه فإن هذا يعني إحالة «بلخادم» على التقاعد السياسي، وعندما تصله رسالة بهذا المعنى فسيكون عليه أن ينسحب دون أن يخسر جهده في معركة خاسرة تنتهي بإخراجه من الباب الضيق. من هنا يبدو «بلخادم» أكثر إقداما في إدارة المعركة من خصومه، فليس للرجل ما يخسره، وإذا كان الأمر يتعلق بالمعركة الأخيرة للدفاع عن الرئيس فسيخوضها بصرف النظر عن النتائج التي ستؤول إليها، ولعل القراءة الراجحة إلى حد الآن هي أن الحركة التقويمية تستهدف تغيير موقف الأفلان من سياسات الرئيس وهي مقدمة لتعديل خط السير في المراحل المقبلة، ومن هنا يبدو «بلخادم» متحمسا إلى خوض معركة الدفاع عن الاستمرارية لأنها ستكون أفضل ما يمكن القيام به في ختام مسيرة سياسية حافلة، وفي مقابل ذلك يبدو التقويميون أكثر ترددا، ويبدو المترقبون في حيرة من أمرهم لأنهم يريدون معرفة أي المعسكرين سيكون أقرب إلى النجاح للانضمام إليه في الوقت المناسب.