لبنان : حزب الله يصد محاولتي توغل إسرائيليتين    انتشار جثامين عشرات الشهداء في شوارع مخيم جباليا..غوتيريش يندّد بضغوط إسرائيل لتهجير 400 ألف فلسطيني    تبسة. أزيد من 7 آلاف وحدة سكنية من مختلف الصيغ في طور الإنجاز    خنشلة..منح 49 ترخيصا جديدا لنقل الأشخاص عبر الطرقات    إحباط محاولات إدخال أزيد من 13 قنطار من الكيف عبر الحدود مع المغرب    اجتماع الحكومة يتابع تنفيذ البرامج التكميلية التي أقرها رئيس الجمهورية لفائدة ولايتي الجلفة وتندوف    طالب عمر: قرار المحكمة الأوروبية انتصار تاريخي يؤكد سيادة الشعب الصحراوي على ثرواته    استكمال مسار بناء الجزائر الجديدة يحظى بدعم كافة الجزائريين المخلصين    وزارة المالية: تعبئة الموارد المالية محور اجتماع تنسيقي    مالية : السيد فايد يستقبل المدير العام لصندوق النقد العربي    الصالون الدولي للاستثمار الفلاحي, "مناسبة لعرض أحدث الابتكارات والتقنيات في مجال الفلاحة في الجزائر"    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 42 ألفا و10    سياحة: وجهة الجزائر أصبحت أكثر جاذبية    الأونروا : 400 ألف فلسطيني محاصرون شمال قطاع غزة    افتتاح الطبعة التاسعة للأسبوع الثقافي الكوري الجنوبي بالجزائر "أسبوع كوريا"    إشادة بالحرص الرئاسي على ضمان السيادة الرقمية    إشادة بقرار رئيس الجمهورية زيادة المنحة السياحية    صهيونية العماليق و السياحة السوداء    الأمن المغربي يقمع مسيرة حاشدة في وجدة    الخضر يستعدون لمواجهة الطوغو    هذه توجيهات الشرطة للمناصرين    بداري يشدّد على أهمية الوسائل البيداغوجية المتطورة    تبّون يهنّئ قيس سعيد    قانون لحماية القدرة الشرائية للجزائريين    افتتاح معهد وطني للتكوين في الطاقات المتجدّدة بتيبازة    الأحذية الرياضية تستهوي النسوة    مشروع إيطالي لتصنيع السيارات بالجزائر    جامعات غربية يتغذّى تألقها من الجهود العربية    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا    وقفات مع دعاء صلاة الاستخارة    اتفاقية تعاون بين سلطة حماية المعطيات ونظيرتها الموريتانية    طقسا مشمسا إلى ممطر عبر أنحاء الوطن    الأكياس البلاستيكية السوداء تعود بقوة للأسواق    الصولد يستقطب اهتمام الزبائن عبر المحلات    تدخل ضمن برنامج الاحتفال المخلد للذكرى 70 للثورة التحريرية    مرابي يشرف على الدخول لدورة أكتوبر 2024 بوهران    الغرب المتصهين لا يعرف الحياد..؟!    القطاع أنجز عدة منصات للتكفل بانشغالات المهنيين وعصرنة الخدمة    سايحي يرسل كمية معتبرة من اللقاحات إلى تمنراست وإن قزام    ملاريا/دفتيريا: إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تعالج مواضيع اجتماعية وإنسانية    تصفيات كاس افريقيا للأمم 2025: "الخضر" يشرعون في التحضير لمواجهة طوغو    تصدر ترتيب أغلى المدربين في افريقيا..بيتكوفيتش يتقاضى 135 ألف يورو شهرياً    بوعناني سعيد بعودته للمنتخب الوطني    مستغانم.. 810 مليون دج لترميم عدد من المواقع الأثرية    يفتح بابه غدا ل20 بلد ويشرّع نوافذه على التجارب الفكريّة والأدبيّة الجزائرية..الجزائر ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب    الذكرى ال20 لرحيل يحي بن مبروك : مسيرة حافلة في خدمة القضية الوطنية والثقافة الجزائرية    التكفل الأمثل بمرضى الملاريا والدفتيريا : إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    لا زيادات في الضرائب    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة تونس تربك الدول الكبرى
الغرب يعجز عن حماية حلفائه..

أخذت الأحداث المتسارعة في تونس الدول الكبرى على حين غرة ولم تترك لها المجال لصياغة موقف منسجم مع ما يجري على الأرض أولا، ومتوافق مع المبادئ والقيم التي تدعو إليها هذه الدول وفي مقدمتها الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد بدأت عملية ترقب لما سيسفر عنه الوضع.
إلى اللحظة الأخيرة بدت فرنسا، وهي الشريك التجاري الأول لتونس، غير مستوعبة لحجم التحديات التي كان يواجهها نظام زين العابدين بن علي، فساعات قبل مغادرة الرئيس التونسي لبلاده فارا إلى السعودية، كانت فرنسا قد أصدرت بيانا رحبت من خلاله بالإجراءات التي أعلن عنها بن علي وحثته على مزيد من الانفتاح، وقد بدا البيان الفرنسي وكأنه يعكس قناعة بأن النظام في تونس سيجتاز هذا الامتحان الصعب بنجاح وأنه مرشح للبقاء لمزيد من الوقت، وأن رأس النظام هناك باق في مكانه، وقد تأكد هذا التصور الفرنسي من خلال سعي بن علي إلى اللجوء إلى فرنسا قبل أن يرفض طلبه في اللحظة الأخيرة وتغلق في وجه طائرته أجواء الشريك الكبير الذي طالما قدم له الحماية والدعم على الساحة الدولية.
التغيير الحاصل في تونس بإرادة الشعب أربك باريس التي سارعت إلى ربط الاتصال بمجموعة من القوى السياسية التونسية لاستطلاع ما يجري على الأرض، وعبرت فرنسا عن رغبتها في عودة الاستقرار وتعزيز الديمقراطية، ولم يفلح الخطاب الرسمي في إخفاء الانشغال بإمكانية فقدان السيطرة على بلد ظل يمثل أحد أبرز ساحات ممارسة النفوذ الفرنسي في المغرب العربي وإفريقيا قاطبة، ويتعلق الأمر بمصالح اقتصادية وتجارية وبنموذج سياسي رغبت فرنسا في تعميمه واجتهدت في الدفاع عنه وحمايته.
أثناء زيارته إلى تونس سنة 2003 فاجأ الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك التونسيين بتصريح غريب، فقد قال لهم إن توفير الغذاء والتعليم والصحة هو من أهم حقوق الإنسان، وكان ذلك ردا قاسيا على احتجاج مناضلي حقوق الإنسان الذين أنكروا عليه دعمه المطلق لنظام بن علي، وقد كان ذلك التصريح إعلانا بعمق العلاقة التي تربط فرنسا بهذا النظام، وعدم استعداد باريس للتضحية بهذا النظام مهما قيل عن خرقه لحقوق الإنسان وتضييقه على الحريات الديمقراطية.
من وجهة النظر الفرنسية نجح بن علي في أمرين أساسيين، الأول هو أنه أسس لنموذج اقتصادي ليبرالي لا تتدخل فيه الدولة إلا قليلا، ويفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، وأمام السلع أيضا في إطار اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهذا النموذج الاقتصادي في نظر الفرنسيين هو الذي يساهم في بناء مجتمع منفتح تلعب فيه المرأة دورا متقدما، وتحتل فيه القيم الغربية وفي مقدمتها الحرية الفردية بمعناها غير السياسي مزيدا من المساحات لتشكل هوية جديدة تجعل المجتمع التونسي أقرب إلى مجتمعات شمال المتوسط ومبتعدا أكثر عن شبهات الأسلمة والأصولية المخيفة، وأما النجاح الآخر فهو هذا التحكم الأمني الباهر الذي جعل تونس بعيدة عن مظاهر انتشار تيار الإسلام السياسي الذي يمثل الخطر الأكبر في نظر الغرب.
على نهج فرنسا سارت سائر الدول الأوروبية، فقد أظهر الاتحاد الأوروبي لامبالاة واضحة بما يجري على مرمى حجر من أوروبا، وبدت دول الاتحاد متأثرة بالموقف الفرنسي المطمئن إلى صمود بن علي وبقائه في السلطة لمزيد من الوقت، بل إن استعمال الرصاص الحي ضد المتظاهرين العزل وقتل العشرات منهم تحول إلى مجرد استعمال غير متكافئ للقوة لم ينل حق من الإدانة اللفظية قبل الرفض العملي من قبل الأوروبيين.
أمريكا هي الأخرى لم تبد أي حماس لنصرة حركة التغيير التي قادتها الجموع المتظاهرة، فقد دعا البيت الأبيض الأمريكي أولا إلى الهدوء، ثم ندد بالعنف وانتهى بمباركة شجاعة وكرامة الشعب التونسي، غير أن تصريحا أطلقته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون من دبي عندما كانت تشارك في منتدى المستقبل، وقد تزامن انعقاده مع تصاعد الاحتجاجات في تونس، فسر أسباب التردد الأمريكي، فقد دعت كلنتون إلى إصلاح الأنظمة العربية لكنها اعتبرت أن مبرر الإصلاح هو منع الإسلاميين المتشددين من السيطرة على الحكم من خلال الانتفاضة الشعبية، وهو ما يعني أن واشنطن كانت تراقب عن كثب ما يجري في تونس وتريد أن تتبين أي جهة سياسية تقود عملية التغيير، ويبدو أنها اطمأنت في النهاية إلى أن الإسلاميين لم يلعبوا دورا أساسيا في الإطاحة ببن علي الذي كان رجل أمريكا في المنطقة أيضا وتتحدث مصادر كثيرة عن دور أمريكي مباشر في تنصيبه رئيسا بعد الإطاحة بالرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
التغيير الذي حدث في تونس يثير الآن مزيدا من المخاوف لدى الدول الغربية، فالأنظمة العربية المتحالفة مع الغرب قد لا تكون في مأمن من انتفاضات شعبية حتى ولو كانت تحقق بعض المكاسب الاقتصادية كما كان الشأن بالنسبة لتونس، وقد يكون التضييق السياسي والظلم الاجتماعي سببا في حدوث اضطرابات قد تخلط حسابات هذه الدول في مناطق تعتبرها ذات أهمية حيوية وهو ما يدفع هذه الدول الآن إلى التحرك لاحتواء الانتفاضة التونسية وإبقائها في حدود ما يخدم مصالح تلك الدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.