هاجم رئيس المجلس الشعبي الوطني، «عبد العزيز زياري»، نواب البرلمان بسبب غيابهم المتواصل عن الجلسات وهو الأمر الذي دفع إلى تأجيل اضطراري لجلسة التصويت على قانون تسوية ميزانية 2008، وقد خصّ بالذكر نواب الأغلبية البرلمان من الأفلان وحمس والأرندي الذين أشار إلى أنهم لم يكونوا في مستوى المسؤولية، مهدّدا بتعديلات مرتقبة في النظام الداخلي للغرفة السفلى للبرلمان. احتاجت عملية المصادقة على مشروع القانون المتضمن تسوية ميزانية 2008، إلى جلسة ثانية انعقدت بعد زوال يوم الخميس في أعقاب عدم اكتمال النصاب وفق ما تنصّ عليه المادة 58 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، حيث حضر 123 نائبا جلسة التصويت في وقت كان فيه المطلوب تصويت 196 نائب على الأقل، ولذلك فإن هذا الوضع دفع برئيس المجلس إلى تأجيلها لست (6) ساعات أخرى. وحسب ما تُشير إليه المادة 58 فإنه «تصحّ مناقشات المجلس الشّعبيّ الوطنيّّ مهما يكن عدد النوّاب الحاضرين»، لكن «لا يصحّ التّصويت بالمجلس الشّعبيّ الوطنيّّ إلا بحضور أغلبية النواب في حالة عدم توفّر النصاب تعقد جلسة ثانية بعد ست 6 ساعات على الأقل واثنتي عشرة ساعة على الأكثر، ويكون التصويت حينئذ صحيحا مهما يكن عدد النواب الحاضرين»، وتوضح أيضا أنه «تتم مراقبة النصاب قانونا قبل كل عملية تصويت لا يُمكن أن تكون إلا مراقبة واحدة للنصاب في الجلسة الواحدة». وعملا بهذا النص فقد تم التصويت على أول قانون لضبط الميزانية منذ 27 سنة في خطوة فتحت المجال أمام السلطة التشريعية لمراقبة المالية العمومية، وأوصت لجنة الميزانية إلى غلق الصناديق الخاصة التي لا تؤدي دورها، وقد حاز هذا النص على ثقة غالبية أعضاء المجلس باستثناء نواب حزب العمال والجبهة الوطنية الجزائرية الذين امتنعوا عن التصويت. ودفعت حادثة جلسة الخميس برئيس الغرفة السفلى للبرلمان إلى توجيه رسالة تحذير وتهديد إلى النواب، بعد أن اتهمهم بعدم الانضباط في التعامل مع مسؤولية التشريع التي كلّفوا بها، وعلى إثر ذلك صرح زياري قائلا «أوجّه نداء إلى كافة الكتل البرلمانية، وخصوصا كتل الأغلبية، بأن يكونوا أكثر انضباطا لأن هناك مسؤولية هامة وحضورهم ضروري»، وهو انتقاد صريح لنواب التحالف بسبب التزامهم بتعليمات القيادات الحزبية. ولم يتوقف «عبد العزيز زياري» عند هذا الحد لأنه أشار إلى إمكانية الذهاب نحو إقرار تعديلات جوهرية على النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني بما يضمن وضع حد لتخلف النواب عن الحضور في الجلسات، موضحا في هذا السياق « من المُمكن أن نُقدّم تعديلات جديدة ونتخذ إجراءات في المستقبل بخصوص هذه القضية». والغريب في الأمر أن أحزاب الأغلبية البرلمانية عجزت عن تجنيد 196 نائبا على الأقل للتصويت على قانون تسوية الميزانية في حين أنها تحوز على أكثر من 260 نائبا، وكانت قيادة الأفلان على سبيل المثال قد وجّهت تعليمة كتابية إلى ممثليها بالبرلمان بضرورة حضور الجلسات، كما اتفق شريكاه في التحالف على نفس الخطوة، ولكن هذه التعليمات لم تتجسد على أرض الواقع، إذ إنه ليست هذه المرة الأولى التي يغيب فيها النواب عن الجلسات. وفي موضوع مشروع قانون تسوية الميزانية فقد قدمت لجنة المالية والميزانية عددا من التوصيات في تقريرها النهائي بغرض تصحيح ما أسمته «بعض الثغرات»، وطالبت بقفل الصناديق الخاصة التي تستغل الموارد المالية التي تتوفر عليها أو تلك التي لا تتوفر على برامج واضحة ومحددة بدقة من قبل الأمرين بالصرف والصناديق التي لم تصدر نصوصها التنظيمية. كما تضمّن التقرير النهائي للجنة ملاحظات أخرى تنص على ضرورة تعزيز الرقابة على المالية العمومية، فيما أشارت إلى أهمية إعادة النظر في تحديد السنة المالية المعنية بقانون تسوية الميزانية، مع تفعيل تقارير مجلس المحاسبة وجعلها أداة لتحريك الدعاوى القضائية العمومية ومباشرة المتابعة القضائية ولذلك للحيلولة دون تفاقم عمليات الاختلاس التي تتحول في بعض الأحيان إلى فضائح مالية.