الإعدام شنقا كان مصير دمية جسدت الرئيس المصري حسني مبارك بعد محاكمة شعبية له أقامها المحتجون بميدان التحرير في وسط القاهرة بعد نحو ساعة من انتهاء سريان حظر التجول صباح أمس الثلاثاء. ومع دخول الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط مبارك الذي يحكم البلاد منذ عام 1981 يومها الثامن تبدلت شعارات المحتجين أمس من "الشعب يريد إسقاط الرئيس" إلى "الشعب يريد إعدام الرئيس". وتجمعت الحشود في ميدان التحرير أمس الثلاثاء للمشاركة في احتجاج مناهض للنظام في مصر مطالبة بالديمقراطية بعد أن لاحت لهم بوادر النصر. وبدأ عمر سليمان نائب الرئيس الذي عينه الرئيس حسني مبارك مؤخرا محادثات الاثنين مع شخصيات من المعارضة وأعلن الجيش أن مطالب المحتجين "مشروعة" ووعد بعدم إطلاق النار. وكانوا متفرقين ما بين راقصين ومصفقين على أنغام الأغاني الوطنية ومتجمعين حول أشخاص يلقون الشعر والهتافات وآخرين يفترشون الأرض لتناول وجبة الإفطار وعشرات يجوبون الميدان وهم يرددون هتافات مناوئة لمبارك ورموز نظامه وآخرين يكتبون عبارة "ميدان الشهداء" على أرض الميدان. وأخذ أحد الشبان يهتف وهو محمولا على الأعناق "الشعب يريد إعدام الرئيس" وردد عشرات المحتجين هذا الهتاف خلفه. حتى تكتمل أركان المحاكمة وفجأة تبدل الحال وانصبت أنظار كل من في الميدان على جانب واحد نصبت فيه لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات أمس الثلاثاء الماضي محاكمة شعبية لمبارك وثلاثة من رموز نظامه هم فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الحالي وأحمد عز رجل الأعمال البارز وأمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم الذي أجبرته احتجاجات "جمعة الغضب" على الاستقالة من منصبه وحبيب العادلي وزير الداخلية السابق. وبدأت المحاكمة بوضع أربع دمى تمثل مبارك وسرور وعز والعادلي خلف القضبان ثم تلى ذلك قراءة لائحة الاتهامات الموجهة لمبارك والتي تضمنت تهم "القتل الجماعي والإبادة الجماعية للمصريين" و"سرقة أموال الشعب". وبعدها لعب أحد منظمي المحاكمة دور الادعاء الذي طالب بتطبيق أقصى عقوبة على المتهم وهي الإعدام. وحتى تكتمل أركان المحاكمة لعب أحد الأشخاص دور الدفاع عن مبارك لكنه أعلن انسحابه من الدفاع عن "الرئيس المخلوع" بحسب وصف المحاكمة نظرا لتأكده من صحة الاتهامات الموجهة له. وهنا صمت الجميع في انتظار الحكم الذي كان الإعدام شنقا في ميدان عام. وأخذت دمية تصور مبارك وعلقها المحتجون في حبل مشنقة علق على إحدى إشارات المرور في الميدان. وواجه سرور وعز اتهامات مماثلة فضلا عن تهمة التستر على "جرائم" مبارك وكان مصير دميتيهما الإعدام شنقا في الميدان. أما العادلي فقد حكم على دميته بالإعدام "بضرب الجزم (الأحذية)". وبعد الحكم قام عدد من المحتجين بخلع أحذيتهم وضرب الدمية. نساء وأطفال ومروحية عسكرية تحلق وعندما انتهت المحاكمة حوالي التاسعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي كانت أعداد المحتجين وصلت إلى ما بين عشرة آلاف و15 ألفا. وشاهد مراسل رويترز مئات وهم يتوافدون إلى ميدان التحرير عن طريق شارع طلعت حرب بعدما كانوا يأتون بالعشرات عند الثامنة صباحا. والمحتجون من مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية ومن مختلف الأعمار وشاهد مراسل رويترز تواجدا لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين أكبر الجماعات المعارضة تنظيما في مصر والتي لم يكن لها دور فاعل في حشد الاحتجاجات التي انطلقت يوم الثلاثاء الماضي الذي وافق عيد الشرطة. وكان هناك نساء وأطفال مع أسرهم بكثرة. ومع تحليق مروحية عسكرية كان أفراد الجيش ينظمون عملية الدخول للميدان ووقف جنود ونشطاء عند حواجز إسمنتية وحديدية يفتشون الداخلين للميدان ويطلعون على بطاقات هوياتهم حتى "لا تندس عناصر من الشرطة" بينهم حسبما يقولون. شرطة أم ميليشيا؟ واتهم محتجون عناصر من الشرطة بالتنكر في ملابس مدنية للقيام بأعمال تخريب تستهدف تشويه صورة الاحتجاجات وتصويرها بأنها حركة تخريبية. وانسحبت قوات شرطة مكافحة الشغب من المواجهة مع المحتجين بعد اشتباكات دامية في الميدان يوم الجمعة الماضي لكنها عاودت الظهور على استحياء في بعض الشوارع الاثنين وأمس الثلاثاء. وبعد أن تعهد الجيش بعدم إطلاق النار تحولت الموازين فيما يبدو لغير صالح حكم مبارك. وستلعب المؤسسة العسكرية التي أدارت مصر منذ أطاح ضباطها بالملك فاروق عام 1952 الدور الرئيسي في تحديد من سيخلف مبارك وتوقع البعض أن يحتفظ الجيش لنفسه بقدر كبير من السلطة في الوقت الذي يطبق فيه إصلاحات كافية لنزع فتيل الاحتجاجات. ودعت الولاياتالمتحدة وقوى غربية أخرى مبارك إلى إجراء انتخابات حرة. وحتى إذا واصل عدم الاستجابة إلى الدعوات المطالبة باستقالته فمن غير المرجح أن يفوز في الانتخابات.