أكّد عدد من المختصّين أول أمس على ضرورة بعث روح القصبة "المحروسة" مجددا باعتبارها حاضرة تاريخية مهمة في الجزائر بالموازاة مع عمليات إعادة ترميمها ماديا مشيرين إلى أنّه قد تمّ ترميم ما لا يقلّ عن 394 دار عتيقة كانت على وشط الانهيار بالقصبة خلال السنوات الفارطة مشددين على أن التدابير الاستعجالية قد سمحت بإيقاف تدهور القصبة مصيفين أن الوصاية وبالتعاون مع ولاية الجزائر أطلقت مؤخرا مشروع مخطّط الدّعم لترميم القصبة والذي سيخصص للتدخل عبر 105 هكتار. نظمت أول أمس المدرسة العليا للصحافة ببن عكنون تحت رعاية يومية "الأيام الجزائرية" أشغال ندوة "القصبة بين الهندسة المعمارية والحياة الاجتماعية"، وهذا من تقديم عدد من المختصين والأساتذة المهتمين بقضايا القصبة وتاريخها الثقافي والاجتماعي والعمراني، حيث أجمعوا على أنه بات من الضروري العناية بالقصبة والتي تعتبر معلما تاريخيا ومحمية ثقافية مدرجة في قائمة المعالم المحمية لليونسكو منذ العام 1992. وقد أوضح مدير استغلال المحميات الثقافية والتاريخية بوزارة الثقافة الأستاذ "زكار عبد الوهاب" أن السلطات المحلية باشرت العمل ضمن مخطط الدهم الذي تمت المصادقة عليه سنة 2008 من قبل المجلس الشعبي الولائي للعاصمة والذي سيمكن 50 خبير مؤهل من طرف وزارة الثقافة للتدخل عبر أزيد من 105 هكتار من مساحة القصبة تضم ما لا يقل عن 50 ألف نسمة موزعين عبر تراب 4 بلديات كبرى هي القصبة، باب الواد والجزائر الوسطى. مفيدا أن هناك نشاطات ترميم القصبة حاليا مكنت من ترميم 394 دار عتيقة كانت على وشك الانهيار، وأضاف "زكار" أن النشاطات الترميمية التي تعنى بإعادة الوجه التاريخي للقصبة والتي تضم عديد القصور لبايات وبشوات وأغوات "المحروسة" ينشطها 17 مكتب دراسات مختص في مثل هذه العمليات 153 شركة ملفة قامت بعملها في إطار التدخلات والتدابير الاستعجالين لإتمام عملية الترميم والسماح بإيقاف نزيف تدهور القصبة بكل هدوء. كما أشار المسؤول ذاته أن من بين المشاكل التي تعرقل وتيرة إسراع وتيرة الترميمات هي ملكية مالا يقل عن 70 بالمائة من بيوت القصبة ودورها للخواص ما عرقل تدخل السلطات المحلية بفعالية أثناء تطبيق تعليمات المخطط الدعم والتدابير الاستعجالية سالفا، مضيفا أن الدولة الجزائرية تساهم في هذا الإطار بدعم الأسر القاطنة بالقصبة الخواص بنسبة تتراوح بين 25 بالمائة وحتى 80 بالمائة في عمليات ترميم بيوتها ذاتيا. مشددا أن هناك دائما قانون في كيفيات البناء ونوع المواد المستعملة وشكل الواجهات. بقصد المحافظة على معالم حاضرة القصبة التاريخية التي تعرضت للتشويه خلال العقود الماضية وبشكل ممنهج خلال الفترة الاستعمارية حيث كشف أن هذا الواقع أحدث خرابا خلق مساحة لا تقل عن 9100 متر مربع خالية من العمران. وفي سياق آخر أكّد "عبد الوهّاب زكار" أن نشاط السلطات العمومية في إطار تخفيف الضغط السكاني بالقصبة منذ العام 1962 إلى توزيع 11 ألف سكن على سكان القصبة. ومن جانبه وخلال مداخلته أكد المختص في تاريخ القصبة رئيس جمعية أصدقاء القصبة "بلقاسم باباسي" أن القصبة تعد من المعالم التاريخية والمدن القديمة بالجزائر حيث أرجع تاريخها بحسب الحفريات التي وجدت مؤخرا بساحة الشهداء إلى أزيد من 2000 سنة، مشيرا إلى أنها تعدّ أكبر قصبة في المغرب العربي نافيا في السياق ذاته أن يكون الأتراك أو الأندلسيون من بناهها مشددا أن الجزائريون لهم الفضل كله في عمارتها وفق طابعهم الخاص إلا أن دخول الأتراك والأندلسيين بداية القرن الخامس عشر ساهم في تطويرها ورقيها العمراني فوق وتحت الأرض. وفي سياق آخر أكّد المتدخّلون أنّ إعادة بعث القصبة لن يكون دون نشاط سياحي مميّز موضحين أن النشاط السياحي بالمنطقة يتمّ بشكل فردي من الديوان الوطني للسياحة والأسفار وبعض وكالات السياحية الخاصة الأمر الذي يفتقر للتنسيق الجماعي والمشترك. يذكر أنّ هذا اليوم الدّراسي شهد مشاركة عدد من المهتمين بالقصبة كالمختص في العمارة الأستاذ "محمد الطيب عقال"، المكلفة بالإعلام على مستوى المعهد العالي الوطني للتسيير والتّخطيط "طاير رشيدة"، رئيس جمعية أصدقاء دربوز لوني أرزقي " آيت عودية لونيس"، ونائب رئيس جمعية القصبة "بوعمراني".