حطّ أوّل أمس، فريق العمل التابع للمسرح الجهوي لعنابة عز الدين مجوبي رحاله بقاعة الموقار بالجزائر العاصمة، في إطار الجولة الفنية التي قادتهم لعديد ولايات التراب الوطني، حيث قدم فريق العمل المسرحي عملهم الجديد الموسوم “عيد الربيع”، وهو إسقاط ورصد للراهن العربي و ما يعرفه من تحولات. العمل الذي يندرج في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، كتب نصه بلحرازم كريم و أخرجه حميد قوري أمّا الموسيقى فكانت من إبداع ساليم سوهالي، وقد أشرف عليه سنوغرافيا لحبال البوخاري و كوريغرافيا توفيق قارة أمّا مديرة الإنتاج فكانت السيدة صونيا. وقد شارك في إنجاز هذا العمل كوكبة من ألمع الأسماء في عالم التمثيل والمسرح كالممثلة القديرة نادية طالبي وعايدة كشود و وجوه صاعدة و تعد بالكثير كالفنان بشير سلاطنية وجموعي عبد الرحمان ووريدة والي وفاتن بوناموس وآخرون. هذا العرض الذي دام قرابة الساعة من الزمن جرت أحداثه في قرية تقع على سفل جبل، يقطنها أناس بسطاء طيبون ثقافتهم يطغى عليها الطابع الخرافي الذي يتسم بالحكمة حينا وبالسذاجة أحيانا أخرى، وما يميز هذه القرية هو معلمها الديني المتمثل في الزاوية التي تعتبر وجهة الأطفال لتعلم الدين والأدب. المسرحية مستوحاة من صميم الثورات العربية وهي عاكسة لما عرفته الشعوب العربية من تحول بعد سنوات من القمع والاضطهاد والظلم والقهر والاستبداد، في الوقت الذي كان فيه الحاكم يعيش في بحبوحة وغارق في عشق السلطة والمال، و قد صرحت الفنانة نادية طالبي ل “الأيام” فيما يخص دورها في المسرحية: “لقد إتصلت بي السيدة صونيا للمشاركة في هذا العمل الذي رحبت به كثيرا ، لأنّ الفنان يجب أن يكون حاضرا ومجنّدا للقيام بمختلف الأدوار، و قد تقمصت في هذه المسرحية دور الراوي وهو حلقة الوصل بين مشاهد المسرحية، هذا الدور كان رمزا للطهارة والنقاء، فدور لالة كان يمثل صحوة الضمير الجماعي، لقد قمنا بعرضه في عدة ولايات و هذا العرض الحادي عشر، و رسالتي التي أردت تمريرها من خلال هذا العمل أنه ينبغي على الشعب ألا يقع في فخ العبث الأجنبي بوحدة أمتنا و مقوماتها، فعن أيّ ربيع نتحدث و نحن ندمّر أوطاننا و نسبح في دمائنا؟ الحمد لله أنّ الجزائر لم تقع في فخ الفتنة و هذا بفضل رجالها و نسائها الغيورين عليها و كذا وعي شبابها الذي لم ينساق للدعوات المغرضة والتحريضية عبر الفايسبوك، لقد أنجزنا المسرحية في ظرف قياسي جدا لا يتجاوز 20يوما، و نتمنى فقط من المسئولين على قطاع الثقافة تقديم المزيد من الدعم المادي حتى ينتعش المسرح أكثر ويخرج من غيبوبته، فالمسرح سلاح المثقف يحارب به الظلم ويوعي به الأجيال”. كما حدثنا من جهته الفنان جموعي عبد الرحمان عن دور “الدنهاقي” الذي تقمّصه قائلا: “لقد جسدت شخصية إنسان معوق حركيا وأيضا معوق ذهنيا ونفسيا، وفي المقابل فهو رجل غني يملك الجاه والنفوذ والمال حيث عمل على استغلال نفوذه للسيطرة على القرية، ودخول الغريب مرتبط بأطماع ومخطط خارجي، والحبكة المسرحية هنا هي إسقاطاته على الراهن العربي، فالأحداث كانت مخاضا عسيرا تصارع فيه الخير مع الشر والأصالة مع المعاصرة، و لكن دائما ينتصر الإنسان الخيّر المتمسك بقيمه وبأصالته، وفيما يخص شبابنا فهو واع أتمّ الوعي بالمخطّطات الأجنبية التي تستهدفنا وتستهدف وحدتنا العربية، فلابد أن توخى الحذر من هذه الأمواج الصاحبة القادمة من الغرب والتي أضحت تتقاذف الثورات العربية وتمزق وحدتها و تعبث بمعالمها كما تشاء” .