انطلقت بمركز التسلية العلمية بشارع ديدوش مراد فعاليات الطبعة الثانية لملتقى الكتاب، هذه الطبعة التي جاءت تحت شعار “مدينة في مطالعة” أشرفت على تنظيمها مؤسسة فنون وثقافة تزامنا مع اليوم العالمي للكتاب، وتتواصل فعالياتها بدءا من 22 أفريل وإلى غاية 28 منه. وتهدف هذه التظاهرة التي سطرت على هامشها عدة ملتقيات وندوات إلى تفعيل المطالعة وتقليص الهوة بين الكتاب والقارئ، وقد عرف المعرض مشاركة 12 دار نشر جزائرية منها دار الفكر العربي، الضحى، الاختلاف، الساحل، الفيروز، فيسرا، الوفاء، جمعية الجاحظية، جمعية المرأة في اتصال، والمحافظة السامية للأمازيغية، الألمعية...إلخ. وقد نظمت في الفترة المسائية وعلى هامش هذا الملتقى ندوة تحت عنوان “دور الإعلام السمعي البصري في ترقية الثقافة” وقد تمّ اختيار هذا الموضوع لما تعيشه الجزائر من انفتاح على السمعي البصري وكذا لما للصورة من قدرات رهيبة وتأثير كبير في التسويق للثقافة، وقد أدار هذه الندوة الأستاذ غريب عبد المجيد الذي ركّز على ضرورة تكوين الإعلاميين ليس في مجال تقنيات التحرير فقط بل خاصة في مجال الثقافي والفني حتى نصنع إعلاما ثقافيا متخصصا، وقد أثرى محاور هذه الندوة كلّ من الدكتور خليفة بن قارة مدير الإذاعة الثقافية وكذا الكاتب والإعلامي محمد بغداد وهذا بحضور جمهور نخبوي مميز كالدكتور أمين الزاوي، وصالح فرحان وعبد العزيز بوشفيرات والشاعر عبد الحفيظ بوخلاط والممثل عبد الحميد رابية وغيرهم من الفاعلين في الساحة الثقافية والمهتمين بتفعيل الحدث الثقافي وتنوير الرأي العام، وقد أكد الإعلامي والكاتب خليفة بن قارة في مداخلته على الدور الريادي الذي تحظى به الإذاعة منذ ظهورها، حيث استطاعت أن تحافظ على مكانتها وجمهورها رغم ظهور العديد من الوسائط الإعلامية، كما عرج خليفة بن قارة إلى الدور الذي لعبته الإذاعة عبر المراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر، حيث كانت الإذاعة من أهم الأسلحة التي استعملتها الثورة لإيصال صوتها للعالم، فالثورة الجزائرية شهدت دعما عربيا وحتى دوليا غير مسبوق والفضل في هذا يرجع للترويج الجيد والتسويق الناجح إعلاميا، وبقت الإذاعة في دورها الريادي حتى بعد استرجاع الاستقلال لكن تغيرت مهامها من أداة دعائية إلى أداة للتجنيد والتعبئة في معركة البناء والتشييد، ورغم أنّ الإذاعة كانت تعبر عن إرادة الحزب الواحد إلاّ أنّ الثقافة شهدت انتعاشا وحركية وكانت الإذاعة رافدا من روافد الثقافة الجزائرية، وبعد انتفاضة 1988 عرفت الجزائر مرحلة التعددية بكافة أشكالها وظهرت قنوات جديدة سواء وطنية أو جهوية، حيث ساهم هذا التنوع في خلق ديناميكية ومتابعة للعمل الجواري، ورغم هذه المرحلة الجديدة التي خاضتها الإذاعة إلاّ أنها حافظت على نفس الطرح في نشر رسالتها الثقافية، فالإذاعة الثقافية من أولى اهتماماتها هو التبشير بالثقافة الجزائرية وما تحمله من زخم وموروث حضاري، ورغم قلة الإمكانيات التي يقول خليفة بن قارة أنّها لا تكفي حتى لتغطية أمسية شعرية إلاّ أنّنا نحاول ألا نكون مجرد صدى للثقافة وتغطية فقط الحدث الثقافي أو نقله، ولكن نطمح إلى المساهمة في خلق الفعل الثقافي، وقال في ذات الصدد أنّ مسؤولية ظهور الإذاعة بشكلها الحالي المعوق مسؤولية مشتركة “تفرق دمها على العرب“، وأعرب عن أمله في تغير الوضع إلى الأحسن سواء على مستوى الشبكة البرامجية أو على مستوى الذبذبات والتقاط البرامج، ومن جهته الإعلامي محمد بغدادي يرى لإحداث أي نهضة لبدّ من توفر عاملين هامين وهما الإعلام والثقافة، لكن ما نراه على أرض الواقع أنّ حجم مساحة الإعلام الثقافي سواء السمعي أو البصري أو المكتوب تتقلص يوم بعد يوم، والثقافة هي آخر اهتمامات رجل السياسة أو المواطن، وإن شهدنا بعض التظاهرات الثقافية فهي لا تعدو أن تكون مجرد تظاهرة عابرة لا تصنع حدثا ولا تترك أثرا ونحن كمثقفين ننتظر صناع القرار فيما يفكرون.