ندّدت الجزائر بشدة بالفيلم المسيء للرسول، صلى الله عليه وسلّم، وأكدت على ضرورة متابعة منتجيه قضائيا، بل وشدّدت في موقف رسمي جاء على لسان وزير الشؤون الخارجية، «مراد مدلسي»، بوجوب وضع قانون دولي لمكافحة الإساءة للديانات، في حين أعلن من جانب آخر أن التحرّيات للتأكد من اغتيال الدبلوماسي «الطاهر تواتي» لا تزال متواصلة. تبنّت الجزائر موقفا حازما حيال الفيلم المسيء للإسلام وللرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، حيث ردّت على بعض منتقديها من خلال ما أعلن عنه وزير الشؤون الخارجية الذي استنكر هذه الفعلة ودعا إلى محاسبة المتورّطين فيها، وقد جاء ذلك في حديث نشرته صحيفة «باييس» الإسبانية قال فيها «مراد مدلسي» إنه «من غير المقبول أن يستغل البعض حرية التعبير، للإساءة للمعتقدات الدينية». وبقدر الاستنكار الذي أبداه الوزير تعليقا على الأحداث التي عرفتها العديد من البلدان العربية والإسلامية على خلفية الفيلم المسيء، فإنه طالب بعدم التغاضي عن مثل هذه الممارسات كونه اقترح بشكل عاجل متابعة منتجي هذا العمل قضائيا من خلال وضع قانون دولي لمكافحة الإساءة للديانات، مثلما أدان من جهة أخرى الهجوم على القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي في ليبيا والذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي. ويتزامن هذا الكلام المعلن من طرف «مدلسي» بعد أن كان الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية، «عمار بلاني»، قد صرّح بأن «الجزائر تُعرب عن أسفها الشديد للامسؤولية أصحاب الفيلم الذي يسيء للإسلام ونبيّه صلّى الله عليه وسلم»، معتبرا أن هذا الموقف جاء «انطلاقا من تمسك الجزائر العميق بالوئام بين مختلف العقائد واحترام جميع الديانات». وفي ردّه على سؤال آخر متعلق بتقدّم التحرّيات بشأن التأكد من اغتيال الدبلوماسي الجزائري نائب القنصل ب «غاو»، «الطاهر تواتي»، من طرف «جماعة التوحيد والجهاد» شمال مالي، أوضح «مراد مدلسي» أن الجزائر لا تزال تواصل هذه التحريات التي اعترف بأنها «ليست بالسهلة والبسيطة»، مضيفا أن بلادنا تبقى في الطليعة في مجال مكافحة الإرهاب، ثم استطرد: «نحن على خطّ الجبهة، ولكن لن نكون لوحدنا، لقد طلبنا من شركائنا الأوروبيين والأفارقة تعميق التعاون في مجال الاستخبارات، التكوين وفي مجال مكافحة الإرهاب وتوفير المعدات الخاصة». كما أوضح وزير الشؤون الخارجية في إجابته على سؤال حول وجود علاقة محتملة بين «حركة أجل الجهاد والتوحيد» بغرب إفريقيا والمغرب، قائلا: «إن حركة الجهاد والتوحيد في منتصف الطريق بين الإرهاب والاتجار بالمخدرات، ولا فائدة لأي أحد من تطور الإرهاب». ومعلوم أن هذه الجماعة أعلنت في الفاتح من شهر سبتمبر الجاري، عن إعدام نائب القنصل الجزائري الذي كان محتجزا المحتجز رفقة ثلاثة دبلوماسيين آخرين لديها منذ بداية أفريل الماضي، غير أن وزارة الشؤون الخارجية، كانت أعلنت بعد يوم من ذلك أنه يجري حاليا التأكد من صحة الخبر. وعلى صعيد آخر مرتبط بالتعاون الاقتصادي دعا «مدلسي» الشركات الإسبانية إلى المشاركة في مشاريع في قطاعات السياحة والإسكان والطاقة والنقل بالجزائر، حيث قدّم ندوة نشّطها بمقر «البيت العربي» بمدريد حول «الإصلاحات الشاملة في الجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي»، شارك فيها وزير الدولة الإسباني للشؤون الخارجية «جونثالو دي بينيتو» ومسئولو شركات إسبانية، وقد حث الشركات الإسبانية على المشاركة في تجسيد مشاريع مثل بناء مراكز تعليمية وبنى تحتية صحية ومنازل ومشروعات مرتبطة بالغاز الطبيعي. واعتبر وزير الشؤون الخارجية خلال هذا اللقاء بأن العلاقات الثنائية بين إسبانياوالجزائر «إيجابية للغاية»، معلنا عن عقد لقاء أواخر العام الجاري على مستوى رفيع بالجزائر وتأسيس غرفة تجارة مختلطة بين البلدين، وأشار إلى القطاعات الإستراتيجية التي يمكن مشاركة الشركات الإسبانية فيها مثل السياحة والإسكان والطاقة والنقل. وكان «مراد مدلسي» قد استقبل خلال زيارته إلى مدريد من طرف الملك «خوان كارلوس الأول» الذي سلمه «رسالة صداقة وتقدير» من رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة»، وتأتي هذه الزيارة التي تندرج في إطار الحوار السياسي المستمر بين الجزائروإسبانيا، بعد تلك التي قام بها في شهر فيفري الماضي كل من «غارسيا مارغالو» وزير الخارجية والتعاون الإسباني، ووزير الصناعة والطاقة والسياحة «جوزي مانويل سوريا». زهير آيت سعادة شارك: * Email * Print * Facebook * * Twitter