حصلت فرنسا على الضوء الأخضر من مجلس الأمن الدولي من أجل مواصلة عملياتها العسكرية في شمال مالي، ولم تجد باريس أيّ إشكال لدى الأعضاء ال 15 من أجل تزكية خطوتها الأخيرة لمطاردة الجماعات المسلحة، وكانت واشنطن أكبر الداعمين بعد أن أكدت أنه تحت تصرّف باريس في حال احتاجت إلى أيّ نوع من الدعم. حظيت فرنسا بدعم من شركائها في مجلس الأمن الدولي بخصوص عمليتها العسكرية «القط الوحشي» التي تدخل يومها السادس في مالي، حيث أشادت باريس على لسان سفيرها لدى الأممالمتحدة، «جيرار آرو»، ب «تفهم ودعم جميع الشركاء» في مجلس الأمن، مضيفا أن «جميع شركائنا أقرّوا بأن فرنسا تتحرك طبقا للشرعية الدولية وشرعة الأممالمتحدة»، مثلما جدّد التأكيد على أن الأولوية بلاده هي «تطبيق سريع لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2085» الصادر في 20 ديسمبر الماضي. ومعلوم أن هذا القرار الأممي أجاز نشر قوة دولية خصوصا إفريقية لاستعادة شمال مالي من أيدي المتمرّدين المسلحين، ولكن أيضا القيام بعملية مصالحة سياسية في «باماكو» من خلال إجراء محادثات مع المجموعات المتمردة في الشمال في حال تراجعها عن «الإرهاب». وأشار إلى أن عملية «القط الوحشي» يجب أن «تشجع هذه العملية السياسية» وأن «التدخل الفرنسي هو نتيجة حالة طارئة ولكن بعد توقف هجوم الإسلاميين يجب أن ننفذ القرار 2085 في جميع بنوده وبينها العملية السياسية». وكان واضحا خلال الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن الأممي أن الولاياتالمتحدة كانت أكثر الداعمين للتدخل العسكري، حيث صرّحت سفيرتها لدى الأممالمتحدة، «سوزان رايس»، قائلة: «لنا ملء الثقة بفرنسا»، وبرأيها فإن «التدخل الفرنسي استند إلى قاعدة صلبة»، لتشيد بكون «الفرنسيين عالجوا، ولحسن الحظ، التهديد بطريقة مهنية» على حدّ قولها. لكن «رايس» أشارت إلى أن الولاياتالمتحدة ما تزال تشكك في قدرات القوات المالية وحلفائها في غرب إفريقيا الأعضاء في مجموعة «إيكواس»، باستعادة شمال مالي. وأوضحت أن «الولاياتالمتحدة طرحت باستمرار أسئلة حول قابلية استمرارية بعثة الأممالمتحدة لدعم مالي»، وقدّرت أن الهجوم الأخير الذي شنّه المسلحون «أربك الجيش المالي». ومن جانبه أكد وزير الدفاع الأمريكي، « ليون بانيتا»، أن بلاده مستعدة لتقديم الدعم اللوجيستي لفرنسا والمساعدة في مجال الاستخبارات خلال تدخلها العسكري ضد المسلحين في مالي ومن بينهم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». ونقلت وسائل إعلام عن «بانيتا» على متن طائرته التي نقلته إلى لشبونة في إطار جولة أوروبية قوله: «أجريت محادثات مع وزير الدفاع الفرنسي وسوف أواصل مشاوراتي، يتركز الجهد على تقديم دعم لوجيستي ودعم في مجال الاستخبارات لفرنسا»، وأفاد أن واشنطن «ستقدّم لفرنسا مساعدة في مجال نقل القوات جوا». كما أوضح أن الولاياتالمتحدة «تتحمل مسؤولية مطاردة القاعدة في أي مكان على غرار ما تفعله في باكستان واليمن والصومال»، ليضيف: «نتحمل أيضا مسؤولية عدم السماح للقاعدة بإقامة قاعدة لعملياتها في شمال إفريقيا وفي مالي». وبعد ترحيبه بالعمل الذي تقوم به فرنسا في مالي، التزم لحلفائه ب «بالتعاون من أجل تقديم أي مساعدة لهم في جهودهم العسكرية». أما الموفد الأممي الخاص إلى منطقة الساحل، «رومانو برودي»، إن العملية العسكرية الفرنسية ضد المتمردين في مالي «حظيت بترحيب كبير من جانب الدول الكبرى في الأممالمتحدة»، موضحا في تصريحات أمس من العاصمة الصينية «بكين» أن التدخل العسكري الفرنسي الذي «فرضه» تقدم المتمردين باتجاه الجنوب في مالي «أحدث توافقا في مجلس الأمن الدولي كان يصعب التوصل إليه في هذه الأيام» وبالتالي «لم يكن ممكنا ترك هذه المنطقة كي تصبح حامية للإرهابيين» حسب قوله. وتابع «برودي»: «حتى أنا شخصيا لم أفاجأ بالتدخل العسكري الفرنسي وذلك على الرغم من أنهم كانوا يعتبروني الأشد تطرفا في البحث وبأي ثمن عن الحلول السلمية في تلك المنطقة»، وأشار إلى أن «كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة التي كانت في ليبيا انتهى بها المطاف إلى مالي»، إلا أنه اعتبر أن «الحل المستدام يكمن في تنفيذ خطة تنموية كبيرة في الساحل الإفريقي بأسره».