وهران : الطبعة الأولى للمهرجان الوطني "ربيع وهران" من 1 الى 3 مايو المقبل    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    سوناطراك تتطلع إلى آفاق استثمارية جديدة    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    الأمم المتحدة: 500 ألف فلسطيني نزحوا من منازلهم بغزة منذ منتصف مارس الماضي    بلمهدي يعرض مشروع قانون الأوقاف    بنو صهيون يستهدفون النازحين في غزّة    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    الحكومة تبحث سبل تنفيذ تعليمات الرئيس    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    معارك التغيير الحضاري الإيجابي في تواصل    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    اجتماع بين زيتوني ورزيق    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    نثمن عاليا هذه المبادرة التي "تجسدت بعد أن كانت مجرد فكرة    الجزائر قامت ب "خطوات معتبرة" في مجال مكافحة الجرائم المالية    توقع نموا ب2 % للطلب العالمي سنتي 2025و2026    في اختتام الطبعة ال1 لأيام "سيرتا للفيلم القصير    تواصل هبوب الرياح القوية على عدة ولايات من البلاد    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    إحباط محاولات إدخال قنطارين و32 كلغ من الكيف المغربي    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    الجزائر تنتهج آليات متعدّدة لمجابهة الاتجار بالبشر    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    "خطأ شكلي" يحيل أساتذة التربية البدنية على البطالة    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    أيام من حياة المناضل موريس أودان    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    الألعاب المتوسطية 2026: تارانتو تحتضن غدا الخميس ندوة دولية لتسليط الضوء على التحضيرات الخاصة بالنسخة العشرين    تجمع حقوقي يستنكر استمرار قوة الاحتلال المغربي في اعتقال ومحاكمة السجناء السياسيين الصحراويين بسبب الرأي    سوناطراك: حشيشي يعقد اجتماعات مع كبرى الشركات الأمريكية بهيوستن    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    توقيع 8 اتّفاقيات بين الجزائر والصين    صادي يؤّكد ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    تأكيد على الأهمية التي تكتسيها الفتوى في حماية الهوية الوطنية    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزلة برد تركية تصيب الإسلام السياسي في البلاد العربية بالزكام

شهدت تركيا خلال الأيام الماضية موجة احتجاجات عارمة ضد الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، وتتقاطع هذه الأحداث في بعض تفاصيلها مع ما جرى في بعض البلاد العربية رغم خصوصية الوضع التركي .
بدا غريبا أن يواجه أردوغان غضب الشارع، فقد وصل إلى السلطة عبر انتخابات لم يطعن في نزاهتها أحد، بل إن شعبيته عرفت تصاعدا مع مرور الوقت، وتشهد الأرقام أن حكومته حققت مكاسب اقتصادية جعلت من تركيا قوة اقتصادية صاعدة بنسبة نمو بلغت 8 بالمائة، كما تم تعميم التعليم والخدمات الصحية ليستفيد منها عدد أكبر من الأتراك في كل أنحاء البلاد، وأدت السياسات الاقتصادية الناجحة إلى مضاعفة نصيب الفرد من الدخل ثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة، وجعلت من تركيا سادس اقتصاد في أوروبا، وعلى الصعيد السياسي استطاع أردوغان أن يقلم أظافر الجيش ويحد من تدخله في السياسة، وهو شرط كان يرفع في وجه أنقرة كلما طالبت بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما بدأت قضية الأكراد تعرف بعض الانفراج تجلى في قرار حزب العمال الكردستاني الانسحاب من مواقعه والتوجه نحو إنهاء الصراع المسلح الذي تسبب في مقتل عشرات الآلاف، كما يحسب لأردوغان نجاحه في تكريس مزيد من الحريات على حساب التشدد الذي كان يبدية حراس الجمهورية والعلمانية الذين يحتكرون ميراث كمال أتاتورك.
الاحتجاجات التي اجتاحت تركيا جاءت على خلفية إيديولوجية، فهناك قطاعات من المجتمع التركي ترى أن أردوغان ماض في أسلمة المجتمع وفرض نمط حياة معين على الأتراك، وقد بدأ الأمر بالسماح للمحجبات بالدخول إلى الجامعات وهو ما كان محظورا في السابق، ثم تطور الأمر إلى مصادقة الحكومة على منع بيع الخمور قرب المدارس والمساجد، وكان قرار بناء مركز تجاري في ساحة تقسيم بمدينة اسطنبول سببا في اندلاع الاحتجاجات التي امتدت إلى مدن تركية أخرى من ضمنها العاصمة أنقرة، وقد دعت أحزاب المعارضة العلمانية إلى مزيد من الاحتجاجات وتحويلها إلى مواجهة سياسية مع حزب العدالة والتنمية.
المعارضون يقولون إن أردوغان تحول إلى ديكتاتور وهو زاحف من أجل السيطرة على صناعة القرار في تركيا، فقد بدأ بإحكام قبضته على السلطة التنفيذية وإزاحة العسكر الذين وضع بعض رموزهم في السجن بعد إدانتهم بتدبير انقلاب عسكري، غير أن الأهم من هذا كان دفعه عبد الله غل إلى تولي منصب رئيس الجمهورية، وهو اليوم يخطط لتعديل الدستور بشكل يعطي صلاحيات أوسع لرئيس الجمهورية وهو المنصب الذي يطمح إلى توليه سنة 2014 بحكم أن الدستور التركي لا يسمح له بالاستمرار في منصبه كرئيس للوزراء بعد نهاية عهدته الحالية، ويضاف إلى هذا تهم بالتسلل إلى جهاز القضاء والسعي إلى التأثير عليه من خلال إخضاعه لسيطرة العناصر الموالية لحزب العدالة والتنمية.
على الصعيد الإقليمي يقول خصوم أردوغان إن توجهه إلى التورط في النزاعات الإقليمية العربية يجلب مزيدا من التهديدات لأمن تركيا، وهو ما تأكد من خلال التفجيرات التي شهدتها تركيا على خلفية موقفها من الأزمة السورية، فضلا عن أن بعض العلمانيين يتهمونه صراحة بدعم الإرهاب، سواء من خلال غض الطرف عن النشاطات السياسية لعناصر حزب العمال الكردي الذي يعتبره جزء من الطبقة السياسية التركية منظمة إرهابية، أو من خلال التورط في دعم المسلحين الذين يقاتلون في سوريا لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وهؤلاء المقاتلون الذين يتقاطرون من مناطق مختلفة من العالم يعبرون عبر الأراضي التركية ويجدون الدعم من قبل حكومة أنقرة.
الهزات التي شهدتها تركيا خلال الأيام الماضية لا تضع المستقبل السياسي لأردوغان في خطر، وسيكون من المبالغة الادعاء بأنها تشير إلى انتقال عدوى ما يسمى الربيع العربي إلى تركيا، فرئيس الوزراء هناك يحظى بشرعية دستورية لا يطالها الشك، وهو يستند إلى دعم شعبي كبير من قبل حزبه القوي وقطاعات واسعة من المجتمع، غير أنها تشير إلى حالة من التململ في المجتمع، خاصة وأن القضية تطرح من زاوية إيديولوجية، وتربط المعارضة تحركها بالدفاع عن الحريات الفردية والجماعية وتحذر من أن أردوغان يمكن أن يتحول إلى سلطان جديد، وهي صورة تثير مخاوف مجتمع ربط الحداثة والنهضة بالعلمانية والابتعاد عن إرث الدولة العثمانية قدر الإمكان.
وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم لم ينه الجدل حول حدود العلمانية في تركيا، واستبعاد الجيش، الذي كان حارسا للعلمانية، لم يغيب أطرافا سياسية أخرى تبدي تشددا كبيرا في التعاطي مع هذه المسألة الحساسة، وقد أظهرت الاحتجاجات الأخيرة، وطابعها العنيف في بعض الحالات، أن الانقسام في المجتمع حقيقي، وأن هناك مقاومة لمحاولات تغيير نمط حياة الأتراك، بل إن هناك انخراطا من جانب المجتمع في مواجهة مشروع سياسي يثير مخاوفهم لأنه برأيهم غير منسجم مع تعاليم أتاتورك وأسس الدولة العلمانية التي وضع قواعدها.
ما يجري في تركيا قد يكون رد فعل على ما آلت إليه الأوضاع في مصر وتونس حيث سيطر الإسلاميون على الحكم، ففي البلدين تتجند تيارات سياسية ونخب من أجل التصدي لسياسات الإسلاميين، ويبدو أن جزء من أولئك الذين منحوا أصواتهم للإسلاميين لم يعودوا في صفهم، كما أن الثقة فيهم تراجعت وحل محلها الاعتقاد بأن الخطاب المعتدل للإسلاميين هو مجرد محاولة لاستمالة الناس وسرعان ما يتم التخلي عنه بمجرد الوصول إلى السلطة.
ما يهم في الحراك التركي والمواجهة السياسية الداخلية هناك هي أنها قد تضع النموذج التركي على المحك، فقد أصبحت الحركات الإسلامية في البلاد العربية، والجزائر من ضمنها، تقدم هذا النموذج على أنه رمز لنجاح الإسلاميين، مع تعمد لإهمال خصوصية النموذج التركي القائم أساسا على العلمانية، ووصل الأمر إلى حد استنساخ تسمية حزب العدالة والتنمية في كل من الجزائر والمغرب، وتصاعد الاعتراضات على سياسات أردوغان واتهامه بالسعي إلى السيطرة بشكل مطلق على مقاليد الحكم يعزز الارتياب في الإسلام السياسي في كل البلاد العربية حيث تجارب الإسلاميين تبشر بمزيد من الأحادية والانفراد بالحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.