وصفت المخرجة الاسبانية الكاتالونية ايزابيل كوكسيه الصعوبات التي تواجهها المرأة في صناعة السينما في أوروبا بأنها كما «الحجارة الملقاة في طريقها وعليها دوما أن تتجاوزها»، معترفة أن هذه العثرات قد تكون شبيهة بما يواجهه الرجل، لكنها تمنت أن «تكون حجارة النساء على الاقل مثل حجارة الرجال»، في اشارة الى الاختلاف الجندري في هذه المهنة. وردت كوكسيه في سؤال عن رأيها بالشعار الذي رفعته الدورة الخامسة والستين هذا العام باعتبارها دورة «أفلام تسرد حكايات المرأة في الظروف الصعبة»، بأنها لا تشعر فعلا بالفارق، سوى بالفيزيولوجية بين الجنسين، متلفظة بعبارات مكشوفة من على المنصة، بحضور أبطال فيلمها الذي افتتح المهرجان «لا أحد يريد الليلة»، وعشرات الصحافيين، حيث قالت: «لا أدري، ربما أنا ايضا كما الرجل، يمتلك جسمي ما لديه!». وحين وجه السؤال بشكل واضح بالقول:« لماذا يرفع المهرجان هذا الشعار، فالظروف الصعبة تكون واحدة بالنسبة الى الرجل والمرأة، خاصة حين تسرد الحكاية قصة تدور أحداثها في القطب الشمالي». ووافقت المخرجة على هذا الامر مرددة:« لا ادري فعلا ما الذي قصدوه»، مفضلة عدم الخوض في الموضوع «الجندري» و عدم الاجابة عن تساؤل عن شعورها كونها من المخرجات القليلات اللواتي تمكن من أن يصلن بأفلامهن الى منصة الافتتاح الرسمي للمهرجان خلال العقود الستة الماضية. وقالت متأففة: «لا ادري لماذا ندور طوال الوقت في فلك النقاش عن الرجل وعن المرأة وعن الفروقات»، ثم عبرت مستدركة: «أنا لا أقول أنه لا يتوجب علينا أن نناقش هذه الأمور، ولكن أشعر أننا دوما نلف في دائرة تجتر نفسها طوال الوقت». ويحكي «لا أحد يريد الليلة» قصة زوجة(الممثلة الفرنسية جولييت بينوش) تلحق بزوجها(غابرييل بيرن) الى مكان عمله كمستكشف في القطب الشمالي وتظن في البداية أن الحياة ستكون سهلة وأنه بوسعها كامرأة مثقفة أن تتأقلم بسهولة مع البيئة البدائية لتكتشف أن ثقافتها لا تعني تميزها وأن تجربة الحياة القاسية هناك هي التي تثمن انسانية الانسان وتجعله يدرك معنى الحياة. واذ يتعرف الزوج هناك على امرأة محلية (الممثلة اليابانية رينكو كيكوشي) ويشعر تجاهها بأحاسيس دافئة، تتطور ردة فعل الزوجة من الغضب الى التعاطف بل مصادقة المرأة المحلية. لكن هذا الادراك الذي تحلت به المخرجة الاسبانية ربما يكون قد خانها لدى تلفظها في المؤتمر بآراء قد يتم اخذها على محمل العنصرية، مثل تأكيدها على تميز كاتب نص الفيلم في نقله لمشاعر النساء الدافئة وتصوير احاسيسهن الداخلية «هذا مع العلم أنه ليس مثلي الجنس»، في اشارة تمييزية واضحة الى صنفين من الرجال وعلاقتهما بامكانية الابداع. واستخدمت الحس الهجومي ذاته في التحدث عن الشخصية النرويجية من وحي تجربتها في هذا الفيلم الذي صورت بعض اجزائه في مناطق متجمدة من النرويج: «لست واثقة أنه البلد الافضل في التعاطي على مستوى الشراكات السينمائية. أنا لا أنصح احدا بالذهاب الى هناك. لقد تصرفوا معنا بفظاظة».. وروت قصة عن فريق الفيلم الذي رفض الفندق الذي أقام فيه بتقديم القهوة لهم في الصباح وقالت بلهجة فيها استقواء: «تعرفون، انا كاسبانية مستعدة لأن أفتعل فضيحة في اي ثانية. وهذا الموقف لا يمر بشكل سهل بالنسبة لي». واستمرت المخرجة في حسها الهجومي الذي لم يخل من دعابة واستهزاء اسعد بعض الحضور وأغضب البعض الآخر. ولدى سؤالها من قبل «البيان» ماذا اذا كانت تجربتها في تصوير الفيلم في مناطق جليدية وهادئة، تتميز بالصفاء والسكينة، جعلها تختبر لحظات عاطفية روحانية خاصة، ردت: «لا أدري، لا تسألني عن الروحانيات، اسأل بينوش (الفرنسية جولييت بينوش بطلة الفيلم) ورينكو(الممثلة اليابانية)، انهما تؤمنان بالروحانيات أكثر مني. لكن بوسعي القول بأنني بسبب حدة البرد الذي كان مسيطرا على الاجواء، حيث تتدنى درجات الحرارة أحيانا الى أكثر من خمس عشرة درجة تحت الصفر، كنت أشعر بأن عقلي يبدأ بالتباطؤ». حينها سألت «البيان» المخرجة مرة جديدة: «ولكن هل تعتقدين أن التباطؤ هو سمة من سمات الروحانية، بما أن السؤال كان عن اللحظات الروحانية!»…ينافس فيلم «لا أحد يريد الليلة» الذي تصل مدته الى حوالي ثلاث ساعات، على جائزة «الدب الذهبي» مع 22 فيلما آخر.