السيدة نجاة السيدة نجاة سيدة لطيفة مهذبة من بقايا أسرة ارستقراطية عريقة.. تسكن قبالتي تمامًا.. هى وحيدة، وأنا لمؤاخذة وحيد.. علاقتي بها شريفة جدًّا: "صباح الخير يا ست نجاة.. صباح النور يا شاعر" كنت أفاجأ بها قدامي واقفة على بسطة السُّلَّم.. تبتسم ابتسامة خفيفة، وتبادلني نظرة أو نظرتين قبل أن تدلف إلى شقتها وترد الباب. أحيانًا كانت تناولنى طبقًا من الكعك أو البسبوسة أو ال... ، آخذ منها الطبق وأدلف إلى شقتى.. كنت أعيده إليها في اليوم التالي فارغًا. قالت مرة إنها تحب الشعر؛ لذلك بدأت أضع لها قصيدة أو قصيدتين في الطبق. لست أدري لماذا أصابني التوتر فى الفترة الأخيرة، وبدأت الوحدة تؤرقني؛ وربما لهذا بدأت أفكر فى السيدة نجاة. هي معها لمؤاخذة فلوس، وحنان، وخبرة في الأكل والذي منه.. وأنا لمؤاخذة عندي الرجولة وثلاثة دواوين شعر واسمي معروف. صحيح هي تكبرني بعشرين عامًا، لكنها لاتزال تحتفظ بنضارة وحيوية البنات الصغيرات، سأتزوجها ونستأذن مالك العمارة في إزالة الحائط الذي يفصل شقتينا، وأجعل من شقتي بكاملها مكتبة وصالونا أدبيا، ونعيش في شقتها.. فكرت وتجرأت وفاتحتها بالأمس في الموضوع. لست أدري لماذا ظلت صامتة لمدة ثلاث دقائق محدقة في وجهي دون أن تظهر على وجهها أية علامات رفض أو قبول، إلى أن فاجأتني بعد ذلك بقولها: " امشِ يا ش..". هكذا قالت: "يا ش..." ولم تكمل، وتراجعتْ خطوتين إلى الخلف ودَلَفتْ إلى شقتها وردَّت الباب. أحسست ببرودة تسري في جسدي وتراجعت للخلف خطوتين، ودَلَفتُ إلى شقتي وأغلقت الباب. حاولت النوم مبكرًا على غير العادة، ولكني لمؤاخذة لم أنم حتى الصباح.. بقيت طوال الليل أفكر فى حرف الشين.. ماذا كانت تقصد السيدة نجاة؟، ورحت أزاوج بين حرف الشين وحروف أخرى, وأرَكِّب الحروف على الحروف: شم.. شح.. شخ.. شر.. شاعر.. شحط.. شحات.. شُرَّابة خُرج.. يا إلهى.. ماذا كانت تقصد السيدة نجاة. الحمد لله كانت ليلة شنيعة، تكاثف فيها الحر والأرق وبعض التصرفات غير المعقولة لهذه ال.. كنت أنوي السفر؛ لذلك تخففت من ملابسي وكان عليّ أن أنام مبكرًا؛ لأستيقظ مبكرًا؛ لأستقل قطار السادسة صباحًا. أف.. أنتِ والحر والأرق؟! كانت مصرة على أن تعبث بجسدي كيفما شاء لها العبث، ولم يكن بالشقة من أحد غيري وغيرها في وقت كانت فيه مصرة على تقبيلي كما تحب وتريد، إلى أن يئستُ من ردعها، فاستسلمت لها وللنعاس معًا.. استغرقت في النوم، ولم أعد أحس بأفعالها الشنيعة، لكنما فى الصباح لم يكن من أحدٍ غيرها يوقظني لألحق بقطار السادسة صباحًا، هنالك حمدت الله أن علبة المبيد كانت فارغة.