ذكرى حرية التعبير تكاد تحتكر من قبل الصحافة رغم أنها تعني الجميع، وما دامت الصحافة المكتوبة، والخاصة منها تحديدا، تعتبر نفسها أولى بالقضية من الآخرين فلا بأس من التذكير ببعض الجوانب التي يراد لها أن تكون منسية عند الحديث عن حرية التعبير. سلطة المال اليوم هي التي تشكل الخطر الأول على حرية التعبير، فسوق الإعلام يكاد يحتكر من قبل عدد محدود جدا من البارونات، وأساليب السيطرة على هذه السوق لا تختلف في شيء عن حروب العصابات والمافيا، هناك حروب قذرة في الخفاء، وهناك محاولات جادة للقضاء على التعدد والتنوع، وبعض الصحف الخاصة تحفل يوميا بمقالات الشتائم والسب التي تطال "الآخرين" من زملاء المهنة الذين اختاروا طريقا آخر غير طريق "المعارضين" من أرباب الصحف، وكل من يرفض تحويل صحيفته إلى حزب سياسي معارض أصبح يتهم في احترافيته وانتمائه إلى هذه المهنة. دعاة حرية الصحافة ينسون في زحمة "النضال" من أجل الحرية، أن يخصصوا حيزا في صحفهم للرأي الآخر، وينسون أيضا أن يفسحوا المجال أمام الصحافيين أنفسهم لممارسة بعض الحرية في نقل الأخبار بكل أمانة ورسم صورة للواقع أقرب إلى الحقيقة، وهم ينسون أيضا أن هضم حقوق العاملين في القطاع هو اعتداء على الحرية، وأن تحسين أداء وسائل الإعلام الخاصة هو أيضا من الأسس التي بدونها لن تقوم للحرية قائمة. الصحافة المكتوبة مهددة بالزوال في العالم بأسره، ومع هذا لم ننجح في امتلاك صحافة حقيقية رغم هامش الحرية المتوفر، فالتقارير التي تصدر عن بعض المنظمات غير الحكومية، والصورة القاتمة التي يرسمها بعض المشتغلين بالصحافة عندنا لا يمكنها أن تلغي حقيقة أن في الجزائر هامشا من الحرية لا يتوفر لأغلبية دول العالم الثالث، والأهم من هذا هو أن هذا الهامش لم يستغل بعد بشكل يسمح ببروز صحافة قوية وموضوعية تساهم في تشكيل رأي عام حقيقي، وإلى أن تقوم الصحافة بدورها في الدفاع عن الحرية نقول كل عام والحرية بخير.