اليوم العالمي لحرية التعبير أصبح مناسبة لإضافة لمسة سوداء على صورة قاتمة أصلا، فالصحافة في الجزائر تعني الصحافة المكتوبة لأنها الوحيدة التي فتحت أمام الخواص، والحرية هي قضية هذه الصحافة وحدها، أما وسائل الإعلام العمومية فقد بقيت حكومية رغم أن الشعب هو الذي يدفع من جيبه لتمويلها. حرية التعبير ليست مطلب الصحافيين أو بعض الصحافيين كما يبدو لنا من خلال ما نسمعه من خطابات تتكرر في كل ثالث من ماي، بل هذه الحرية حاجة المجتمع، وبدونها لن يستقيم الوضع في أي مجال من المجالات، ولن تكون هناك دولة حق وقانون بدون حرية تعبير، والإنسان الذي كرمه الله بالعقل يفقد إنسانيته وكرامته عندما يفقد حريته في التعبير، فالهدف من تكميم الأفواه في النهاية هو تعطيل العقول وإسكاتها. مشكلة الحرية في الجزائر هي أنها لا تجد من يدافع عنها، لا أحد يريد أن يضحي من أجل حرية التعبير أو حرية التظاهر أو حرية تأسيس الأحزاب والنقابات، الدفاع عن الحرية يكون بالكلام فقط، والصحافة التي تريد أن تحتكر قضية الحرية لا تفعل شيئا من أجل هذه الحرية، والمشتغلون في الإعلام أصبحوا يفضلون السير على سبل السلامة وعد إغضاب أي كان بدل خوض المعارك من أجل الحرية. الصحف الكبرى في العالم تحتضر في عصر تكنولوجيات الاتصال، ونحن لم نتمكن بعد من امتلاك صحافة تستحق اسمها، لا صحافة مكتوبة ولا قنوات إذاعية أو تلفزية قادرة على المنافسة، كل ما لدينا هو صناديق لجمع أموال الإعلانات بطريقة رديئة وتقترب من التسول في كثير من الحالات، وفي المقابل حقائق مغيبة لا تجد طريقها إلى النور الكاذب الذي تشيعه الصحافة الخاصة التي تحولت إلى عدو آخر للتعدد والتنوع والحرية. اليوم العالمي لحرية التعبير يكاد يتحول إلى مناسبة حزينة في هذا البلد، فالحرية هي يتيمة الدهر، والكبت الذي شاع وانتشر ليس من انتاج نظام سياسي يخشى كل ما ينبع من العقل ويكون نتاجا للتفكير، بل إن بعض دعاة الحرية أنفسهم هم من يمارسون الكبت والإقصاء وتكميم الأفواه ووأد الكفاءات لأنهم هم أيضا يخشون الحرية لأسباب أخرى قد لا تكون السياسة بينها، وإلى أن يظهر للحرية ولي أمر يدافع عنها سنتسلى بقراءة تقارير مراسلون بلا حدود وبعض المنظمات غير الحكومية وكل عام والجميع بخير.