ليس الإهداء كسلوك مجرد نفقة مادية أو تأكيد لعاطفة داخلية، بل إنه يؤدي دورا في التأثير النفسي، خصوصا لدى الطفل الذي تتعرض منبهاته لإعادة برمجة تأسيسية على خلفية هذا السلوك، فالهدية وسيلة تسمح للأهل وللمربين بإيصال الكثير من المعاني الجميلة كالحب والاهتمام والتشجيع، علما بأنه من الضروري مراعاة بعض المعايير لدى اختيار هدية للطفل، كأن تناسب عمره وتتوافق مع حالته، أو أن تتوافق وطبيعة ما أدى إلى تقديمها له من جهة ومع المبتغيات التربوية من جهة أخرى. تحمل الهدية معاني كثيرة للطفل، خصوصاً إذا كانت من الأم والأب أو المربي، فهي وسيلة للتقارب، كما أنها تدعم السلوك الإيجابي وتدفع الطفل نحو السلوك الحسن، ولكن إذا وعد أحد الوالدين أو المربي الطفل بهدية عند تحقيق هدف أو شرط معين ولم يحصل عليها هذا الأخير في الوقت المحدد، يفقد صاحب الوعد بالهدية مصداقيته مع الطفل، ويشدد علماء نفس الطفولة على ضرورة اختيار هدية للطفل تفتح أمامه باب تنمية هوايته أو تحثه على التفكير، فعلى سبيل المثال؛ إن إهداء الطفل صندوقا من الأشغال اليدوية يدفعه إلى تعلّم مهارات جديدة، بالمقابل لا يفضل منح الطفل الحلويات هديةً، إذ تشجعه على الطعام غير الصحي، وبالموازاة فإنه من الممكن أن يكون اختيار الهدية مدخلا لمعرفة كيف يفكّر الطفل وما هي اهتماماته، كأن يطلب منه أن يعدّد الهدايا التي يحب أن يتلقاها بمناسبة نجاحه، وقد تكون هذه الأخيرة وسيلة لمناقشته في ما اختاره، ويفضل أن تكون هدية النجاح أو التفوق مرتبطة بهوايات الطفل مع مراعاة قواعد الأهل والقيم، ولكن يجب التشديد على أن للنجاح والتفوق الأهمية وليس من أجل الحصول على هدية، كما يجب يجب أن يُعوَّد الطفل على إعطاء الهدية وليس فقط تلقيها، حتى لا يصبح سلوكه أنانيا، ومن الأفضل أن نشجعه على إعداد الهدية بنفسه كتحضير بطاقة وإهدائها للأب أو الجدة، كما ينبغي أن نعلم الطفل تقدير الهدية وشكر من يتلقاها منه وأن القيمة المعنوية أكبر من القيمة المادية لأي هدية يتلقاها، لكن يجب موازاة مع ذلك الحذر من تعويد الطفل على إهدائه الهدايا كلما فعل أمرا اعتيادياً، كتناول طعامه لأن ذلك يفقدها معناها، وإذا نجح أحد الأولاد ورسب الآخر، فيجب على الوالدين إهداء من نجح ولكن بهدوء ووعد الآخر وإعطائه الأمل بالحصول على هدية إن نجح، أما إذا أهدي الاثنين، فهذا معناه ألا قيمة للنجاح أو الرسوب.