أنفلونزا الخنازير حلّت ببلادنا، ومع تسجيل أول حالة إصابة يمكن تسجيل ملاحظتين أساسيتين، الأول هي التعامل الهادئ مع الخبر، فلم تُسجّل حالة ذعر كما حدث في بعض البلدان عندما تم الإعلان عن بداية انتشار المرض، ولعل هذا يشير إلى أن هناك وعيا من جانب المواطنين بحقيقة هذا الوباء الذي ينتشر في مختلف أنحاء العالم دون أن يكون قاتلا بالضرورة. الملاحظة الثانية هي أن نظام الرقابة الذي وضعته الجزائر منذ ظهور المرض أثبت فعاليته، وهذا يزيدنا اطمئنانا، فالخطر الأكبر هو أن ينتشر المرض دون أن يدري به أحد، فدرجة خطورته ترتفع مع تأخر العلاج، ومن هنا فإن مراقبة كل الوافدين من الخارج وإخضاعهم للفحص ومعالجة المصابين منهم ووضعهم في الحجر الصحي هي الوسائل الوحيدة للحد من خطورة هذا المرض. أنفلونزا الخنازير مثل الأزمة المالية العالمية، لا يمكن تفادي دخولها لكن يمكن تحسين القدرة على التقليل من مخاطرها ومعالجة آثارها في الوقت المناسب وبالفعالية المطلوبة، فهذه هي ميزة العالم المعاصر، شديد الترابط وشديد التداخل، والمفارقة الغريبة هنا هي أن هذا الترابط والتداخل له محاسن لا يمكن التخلي عنها، غير أنه يجعل المخاطر لا تستثني أحدا، وقد يكون هذا سببا لجعل كل بلدان العالم تتعاون من أجل مواجهة هذه المخاطر بشكل جماعي، ومن البلاهة الاعتقاد بأن الحل يكمن في العزلة، فالعزلة تعني ببساطة الموت. قد يثير الإعلان عن اكتشاف أنفلونزا الخنازير في الجزائر بعض المخاوف، لكنه يجب أن يمنحنا من جهة أخرى الثقة في نظام الرقابة القائم، ويدفعنا إلى عدم التأخر عن التوجه إلى المصالح الصحية لتشخيص أي أعراض مثيرة للاشتباه، فالعلاج في حينه هو الحل الوحيد لسد أي ثغرة قد تتسلل منها بعض الحالات خاصة ونحن نستعد لاستقبال عشرات الآلاف من الجزائريين القادمين إلى الوطن بمناسبة عطلة الصيف.