يعلّمنا النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله تعالى عنهم في كل مناسبة كيفية التعامل السمح مع المشاكل وطريقة حلّها، وإن في كثير من القصص والروايات ما ينير طريق المؤمن لاتباع ذلك السبيل القويم والحكيم الذي لا ينفصل عن تمام تلك الدعوة المباركة التي جعلت بمشيئة الله تعالى خاتمة كل الدعوات، شاملة لها ومستوعبة، ومن تلك القصص ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى ابنته «فاطمة» رضي الله عنها ليزورها، وكان ذلك في قائلة النهار، فلما وصل إليها لم يجد زوجها «عليا» رضي الله عنه في البيت وهي ساعة يكون فيها الأزواج في بيوتهم، فسأل صلى الله عليه وسلم "أين ابن عمك؟" وكأن النبي صلى الله عليه وسلم شعر بأن شيئا ما حصل بينهما لذا استعطف قلب ابنته على زوجها بذكر القرابة بينهما حين قال "أين ابن عمك؟"، قالت «فاطمة» رضي الله عنها "كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي"، فقال صلى الله عليه وسلم لمن كان معه "انظر أين هو؟"، فبحث عنه فوجده نائما في ظل جدار المسجد، فعاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: هو في المسجد راقد، فذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو مضطجع قد سقط رداؤه عن جنبه فأصابه التراب، فجعل يمسح التراب عن جنبه بيده الشريفة ويقول مداعبا: " قم أبا تراب، قم أبا تراب". فوائد أدبية - الأدب العالي والذوق الرفيع لدى «فاطمة» رضي الله عنها حينما عبّرت عما جرى بينها وبين زوجها بتعبير لطيف مجمل "كان بيني وبينه شيء فخرج"، ولم تسترسل بذكر التفاصيل ولم تعرّج على تحديد المسؤولية في الخطأ، وإنما جعلتها أمرا مشتركاً "كان بيني وبينه". - تجاوب النبي صلى الله عليه وسلم مع الإجمال بترك السؤال عن التفاصيل، فلم يسأل «فاطمة» ما هو الشيء الذي كان بينكما؟. - تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوج ابنته الذي غاضبها بأبوة حانية، لا أبوة تفقد عقلها مع كل صغيرة وكبيرة باسم الأبوة، فهاهو يمازح «عليا» ويبعد الأسلوب الذي يشعر بالعتب عليه. - حسن تصرف «علي» رضي الله عنه مع الخلافات الزوجية، فخروجه من البيت وقيلولته في المسجد قطع لتواصل المراجعة في الكلام وللحجج في الخصام وفرصة لتهدأ المشاعر ويسكن الغضب وتعود النفوس إلى طبيعتها.