يقف المتأمل في رمضان وحكمته منبهرًا بهذا التوجيه الرباني المركز نحو الطاعة والقرب من الله تعالى والحث على فعل الخيرات وتضاعف الأجر، وكل ذلك في مدة محددة، مع كل ما في هذه المدة من أعمال، ليكون المسلم مشغولا طول ليله ونهاره بالقرب من ربه سبحانه وتعالى، فهو بين الصيام وقراءة القرآن والقيام، وبين صلة الرحم والبذل والجود ومعاونة أخيه المسلم، ولعل من أجمل وأروع ما يربينا عليه رمضان قضية كسر العادة ليحررنا من أسر أي عادة مهما كانت، فيفك إسار عبوديتنا للمألوف، فكما تعودنا أن نأكل ونشرب كل يوم، أصبحنا مأمورين بالصوم حتى غروب الشمس، وكما ألفنا الحرص على المال غدونا مطالبين بالبذل والتصدق ودفع زكاة الفطر، وكما كان ليلنا للخلود والنوم، لزمنا القيام فيها لله تعالى بالصلاة، وكل هذا التركيز في الطاعات هدفه تحقيق العبودية لله أولاً كما أمر، ثم الارتقاء والسموّ الإيماني بالمسلم ليكون لديه من زاد التقوى والعبادة والورع ما يعينه في حياته وسط ضغوط الحياة وأمواجها المتلاطمة المحيطة به.