لم يعد سرّاً أن الكل في الشرق الأوسط يستعد لحروب جديدة آتية لا ريب فيها، تكون الصواريخ على أنواعها هي السلاح الرئيسي فيها، وأبطال هذا السباق المحموم هم بالطبع "إسرائيل" وأمريكا ومن معهما، وإيران ومن معها، فالأخيرة تواصل تجربة أنواع عدة من الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى والأولان أوشكتا على إنجاز بناء شبكة صواريخ مضادة للصواريخ تدعيان أنها ناجحة وستؤدي إلى قلب موازين القوى الاستراتيجية في الشرق الأوسط وقارة أوراسيا، ثم إن كلا الطرفين المتنافسين يدّعي أنه سيكون قادرا في أي مجابهة عسكرية على تحقيق النصر ومحو الطرف الآخر أو تكبيده خسائر لا تُعوّض. أي الطرفين الأكثر صدقية في مثل هذه الادعاءات؟ سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل، قبل ذلك، وقفة أمام التصعيد الخطير الذي يجري الآن على جبهات البناء الصاروخي. في أواخر الشهر الماضي نسبت صحيفة "غازيتا وايبورسا" البولندية إلى مسؤولين كبار في واشنطن قولهم إن البنتاغون قرر الاستعاضة عن نشر بطاريات الصواريخ المعترضة للصواريخ في بولندا وتشيكيا بنشر منظومات مماثلة في كل من "إسرائيل" وتركيا والبلقان، وهذا أكّد وجود خطة أمريكية لتوسيع نظام الدفاع الصاروخي العالمي "أكس باند" (الموجود أصلاً الآن في ألاسكا، اليابان، أستراليا، تايوان، النرويج، بريطانيا، غرينلاند و"إسرائيل") إلى مناطق جديدة في العالم في مقدمها الشرق الأوسط، الهدف: استخدام هذا النظام إما لابتزاز دول أخرى لحملها على الرضوخ، أو لشن حرب يمكن ربحها. معروف أن شبكة الرادار الصاروخية "أكس باند" يبلغ مداها 4300 كيلومتر، وهي قادرة على ملاحقة أجسام في حجم كرة القدم لمسافات تقترب من هذا المدى. وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الأميرال «مايكل مولن» ونظيره "الإسرائيلي" الجنرال «أشكينازي» قد أقرّا في جويلية العام 2008 نشر نظام إضافي آخر هو "إن/تي.بي واي-2" المضاد للصواريخ في "إسرائيل"، ومباشرة بعد ذلك وصل 120 تقنياً أمريكياً إلى صحراء النقب للإشراف على العملية. آنذاك، علّقت صحيفة إيرانية على هذا التطوّر بقولها: "السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن الولاياتالمتحدة تستهدف احتواء وتخويف دول مستقلة على غرار إيران وسوريا ولبنان"، وفي ال7 سبتمبر الماضي أوردت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريراً تحت عنوان "جيش الدفاع يستعد لاستقبال أنظمة صواريخ أمريكية"، قالت فيه إن البنتاغون والقوات "الإسرائيلية" ستقومان بمناورات "جونيبر كوبرا" العسكرية المشتركة الشهر المقبل، مستخدمتين الصواريخ الجديدة "أرو-2" المضادة للصواريخ البالستية وصواريخ "ثاد" الأمريكية للارتفاعات الشاهقة وأنظمة الصواريخ البالستية التي تطلق من السفن، وذُكر أن الولاياتالمتحدة تنوي ترك أجهزة الصواريخ في "إسرائيل" بعد انتهاء المناورات، ومعروف أن البرنامج الصاروخي "الإسرائيلي" يتمحور حول نظام "أور-2" المضاد للصواريخ الذي تم نشره بالفعل، ونظام "أرو-3" بعيد المدى وصواريخ "ديفيد ساينغ" الاعتراضية المصممة لضرب صواريخ «كروز» التي تحلق على ارتفاعات خفيضة وتطير ببطء ونظام القبة الفولاذية المخصص لتدمير صواريخ «غراد» و«الكاتيوشا» و«القسام» ومقذوفات أخرى قصيرة المدى كتلك التي تُطلق من غزة ولبنان، وبالتالي وبعد تنسيق الجهد الصاروخي المتطور مع أمريكا، قد تشعر "إسرائيل" بثقة أكبر لإشعال حروب جديدة في الشرق الأوسط.