صدر حديثاً للشاعر «محمد محمود البشتاوي» عن «دار فضاءات» للنشر والتوزيع في الأردن ديوان تحت عنوان "كأن المسافةَ وهمٌ"، حيث جاءت هذه المجموعة لتدشن أولى أعمال الشاعر في 144 صفحة وضمن 20 قصيدة، ويتكئ «البشتاوي» في مجموعتهِ على محور تأويل المفردة الشعرية والانزياح نحوَ خلق التناقض الذي يرتكز على ضديَّة الحياة وما بها من مفارقات، بيدَ أن التناقض لا يصل إلى تخوم الانفصام، وإنما ينطلق نحو فضاء المتعدد، القابل للتأويل على أكثر من وجه، انطلاقاً من مقولة «ابن رشيق القيرواني» "لكل كلامٍ وجه وتأويل"، ويلاحظ القارئ أن الشاعر في هذه المجموعة ذات الكثافة الشعرية والومضات الخاطفة أكثر من استخدام العتبات في افتتاحية قصائده التي تمثلُ الإضاءة المسبقة لنص يحتشد بالرمز والإيحاءات والدلالات التي ترتبط برؤيتهِ إلى مثلث الحياة، الوطن، والمرأة، ويمتلء ديوان "كأن المسافةَ وهمٌ" بالإشارات الصوفية التي يحاول الشاعرُ من خلالها اختراق باطِن ما حوله من رموز لفهم الواقع؛ الشخصي والجمعي والذي استندَ فيه إلى أداة التأمل والتأويل للخروج من الذات بصراخ مجهول الألم والعودة إليها بصمت العارِفِ، الأكثر ثباتًا ويقينًا، والمجموعة الشعرية الأولى ل«البشتاوي» تمثلُ حشداً هائلا من الإيحاءات الصوفية التي تشي باطلاع الشاعر على هذا الموروث أدبًا وفلسفةً وفنًا، دمج مختلف هذه المضامين ضمن مدرستَيْ شعر التفعيلة وقصيدة النثر، مُقدماً شعر المسافات بلغةٍ تأويلية شفيفة ورشيقة واضحةَ الصور والدلالات، دون أن ينقصها العمق.