قال «عقبة» ل«حذيفة»: ألا تحدثنا بما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سمعته يقول إن رجلا حضره الموت فلما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا متُّ فاجمعوا لي حطبا كثيرا ثم أوقدوا نارا حتى إذا أكلت لحمى وخلصت إلى عظمى، فخذوه واطحنوه فذروني في يوم رائح، فجمعه الله تعالى فقال: لم، قال خشيتك، فغفر له، قال «عقبة» وأنا سمعته يقول وفيه أيضا أن رجلا كان قبلكم أعطاه الله مالا فقال لبنيه لما حضرته الوفاة: أيُّ أبٍ كنت لكم، قالوا: خير أبٍ، قال: فإني لم أعمل خيرا قط فإذا متُّ فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله تعالى فقال: ما حملك على ذلك، قال: مخافتك، فتلقاه برحمته. التوحيد مُعادلة حاسمة في المغفرة في هذا الحديث أن الرجل كان خير أبٍ لبنيه ومعلوم أنه كان من أهل التوحيد، فلماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لم يعمل خيرا قط، يقال هذا من جنس ما تقول العرب للذي لم يحسن العمل: ما عملت شيئا ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي لم يحسن الصلاة: ارجع فصلى فإنك لم تصل، مع أن الرجل أدى الصلاة، ولكنه لما أتى بها ناقصة فكأنه لم يصل.