لا تزال القرى والمداشر الواقعة بالجهة الشرقية والجنوبية الشرقية لولاية بومرداس على امتداد غابات «تيمزريت» شرق الولاية وإلى غاية جبال «بوظهر» ببلدية «سي مصطفى» بجنوب شرق بومرداس، تعيش ظروفا أمنية استثنائية كونها تمثل أكبر معقل لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، حيث تفتقد المنطقة لأدنى شروط الحياة الكريمة، فهي عبارة عن مناطق مقصية من حيث بناء المدارس والمستوصفات والبيوت اللائقة للسكن في ظل بقاء أغلبهم يقطنون الأكواخ المبنية بالطين، والمهددة بالانهيار في أي لحظة. "الأيام" التقت بالعديد من المواطنين الساكنين بهذه المناطق، حيث يشتكي هؤلاء الذين يعيشون في هذه المرتفعات منذ سنوات عدة، من غياب كلي للخدمات الصحية والاجتماعية، هذا ما دفع بالكثير منهم إلى الاعتماد على الطرق البدائية في العلاج، كما أن الحوامل منهم يضطرون إلى التوليد في البيوت رغم ما يشكل ذلك من خطر عليهن وعلى المواليد، الأطفال هم أيضا لهم نصيب من هذه المعاناة، فهم يضطرون للمشي مسافات ومسافات على الأقدام للوصول إلى المدارس المجاورة لتلقي العلم باعتبار أن المدرسة في منطقتهم يبقى حلم في انتظار أن يتحقق يوما ما، في حين يعزف البعض منهم خاصة فئة الفتيات عن الالتحاق بمقاعد الدراسة نظرا للخطر الذي يشكله تواجد الجماعات الإرهابية المسلحة، خاصة وأنها أصبحت لتلك المناطق ملاذا أمنا لها التي تستغل سكانها لتوفير لهم ما يحتاجونه من مواد غذائية ومؤونة، وذلك تحت طائلة التهديدات المتواصلة وحتى بالقنابل التي تزرعها في الغابات حتى تحرم بالتالي فلاحي المنطقة من مزاولة نشاطهم في الحقول والمزارع، ليس هذا فحسب بل إن منطقة «تيمزريت» تنعدم بها المياه الصالحة للشرب، كما أن طرقها غير معبدة، إضافة إلى غياب الإنارة العمومية وكذا انعدام الأمن، ومن جهة أخرى فقد نغص جحيم الإرهاب يوميات سكان هذه القرى التي تتمادى إلى حد تهديدهم بالقتل إذا ما قاموا بالإبلاغ عنهم، كما أنها تقوم بتجنيد أطفالهم القصر بالقوة للالتحاق بصفوفها ومعاقلها، حيث أنجبت المنطقة عدد هائل من الإرهابيين وصل عددهم إلى أكثر من 30 إرهابيا وأمام هذه الأوضاع اضطرت العديد من هذه العائلات إلى حماية أطفالها وذلك بإرسالهم للعيش عند الأقارب في المدن خوفا من أن يتكرر كابوس التقتيل في حقهم، في حين يضطر البعض الأخر منهم إلى الهجرة من سكناتهم للبحث عن مكان أخر يحتمون فيه هم وأبنائهم.