آخر ما كتبه سيف الدين الرزقي، الذي أطلق النار يوم الجمعة على عدد من السياح بمنتجع في مدينة سوسةالتونسية، على صفحته بفيسبوك، وفتحه أمام عموم مستخدمي هذا الموقع، هو نشره لفتوى للشيخ السعودي محمد بن عثيمين، يحرّم فيها الاحتفال برأس السنة الميلادية، أو تهنئة من يصفهم بالكفار، طبقاً بما أوردته شبكة "سي أن أن" العربية. وتكتشف وأنت تتصفح حساب هذا الشاب الذي كان يبلغ 23 سنة قيد حياته، أنه كان متأثرًا كثيرًا بفكر تنظيم "داعش"، إذ نشر يوم 31 ديسمبر2014 مقطع فيديو من موقع CNN بالعربية، لزيارة صحافي ألماني لهذا التنظيم، مصحوبًا بوصف "CNN الحاقدة". في اليوم نفسه، حدّث صفحته على فيسبوك أكثر من مرة، قبل أن تنقطع نهائيًا تحديثاته المفتوحة للعموم. وفق ما نشرته وسائل إعلام تونسية، فسيف الدين الذي أردته قوات الأمن التونسية، وُلد بمدينة قعفور، في الشمال الغربي لتونس. وكأنه تشرّب بشكل مختلف تمرّد مدينة واجهت سابقًا نظام زين العابدين بن علي، تمرّد سيف الدين على مساره الدراسي، حصل على شهادة الثانوية العامة عام 2011 في شعبة العلوم التجريبية، ثم حصل عام 2014 على البكالوريوس في الإلكترونيك بالقيروان البعيدة ب160 كيلوتمرًا عن العاصمة، وقد قُبل مؤخرًا في سلك الماجستير المهني في الهندسة الكهربائية بالمدينة نفسها. غير أن سيف الدين لا يشير إلى كل هذا على صفحته بفيسبوك، إذ يكتب أنه درس في معهد الإمام مالك للعلوم الشرعية بالعاصمة تونس، وهي مؤسسة مرّخص لها من طرف السلطات، تُعنى حسب ما جاء في موقعها الرسمي ب"خدمة كتاب الله تعالى وتعليم العلوم الشرعية"، كما تؤكد أن من أهدافها: "المساهمة في نشر وتأصيل مبادئ الإسلام وقيمه السمحة في المجتمع، ونشر الأخلاق الفاضلة". يضع سيف الدين على حسابه بفيسبوك، صورة سيفٍ في صورة "البروفايل"، ويضع شعار "إذا كان حب الجهاد جريمة.. فليشهد العالم أني مجرم" في صورة الغلاف. كما يظهر حبه لرياضة كرة القدم، عبر تشجيعه لفريق ريال مدريد الإسباني والنادي الإفريقي التونسي. وعلى امتداد عام 2014، كثرت منشورات سيف الدين التي تمجد تنظيم "داعش"، كما كثرت مشاركاته لمنشورات صفحة تسمي نفسها "شباب الصحوة الإسلامية بالكاف"، وصفحة ثائرة تسمى "الجنوب الثائر" تختص في نشر كل ما يعارض الدولة التونسية. بيد أن منشوراته عام 2013، كانت تظهر شابًا بسيطًا يعشق الابتسامة والمقاطع الطريفة والمقتبسات المؤثرة. أما في عامي 2011 و2012، فنتعرّف على سيف الدين آخر. شاب يعشق الاستماع إلى أغاني نجاة الصغيرة تامر حسني وفضل شاكر والمغني الأمريكي إيمينيم والإسباني إنريك إغليسياس، كما كان ينشر بين الفينة والأخرى بعض المقاطع الدعوية التي تحث على الصلاة والمغفرة. ويلاحظ أن سيف الدين كان حذرًا في نشر صوره الخاصة، كما كان محدود العلاقات الافتراضية، إذ لا يتجاوز عدد أصدقائه حوالي 142 واحدًا. غير أن الطريف في الواقعة، أن صفحة سيف الدين عادت إلى التحديث بفيسبوك في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، إذ تم تغيير صورة البروفايل، ووُضعت بدل السيف صورة طفل يحمل شعار "أغيثوا غزة"، وهو ما فاجئ عشرات المتتبعين، الذين استغربوا لكيفية إعادة تشغيل الحساب من جديد. وقد قالت "CNN" بالعربية التواصل مع صاحب الحساب إلّا أنه لم يتجاوب، قبل أن يتم إلغاء الحساب نهائيًا.