احتل الأسطورة الكروية، زين الدين زيدان، مكانة خاصة في قلوب ملايين الجزائريين على الرغم من أنه حمل ألوان المنتخب الفرنسي طوال مسيرته الدولية ولم يدافع كروياً عن منتخب بلد الآباء والأجداد الجزائر. ولعل تواضع "زيزو"، وتعلقه بموطن والديه وتصريحاته التي تدغدغ في كل مناسبة مشاعر الجزائريين ونطحته الأخيرة في نهائي مونديال ألمانيا 2006، جعلته محبوباً، ليس فقط لدى عشاق الكرة المستديرة بل لدى كل العائلات الجزائرية على مدار سنوات، متفوقاً على كل المغتربين الذين حملوا ألوان محاربي الصحراء، سواء في الثمانينيات أو خلال هذه الألفية، بمن في ذلك اللاعبون الذين غادروا الدوري الفرنسي المحترف والتحقوا بثورة التحرير في 1954 في صورة مخلوفي ومعوش وسوخان وكرمالي وغيرهم. 1- نطحة زيدان ضد ماتيراتزي أيقظت روح الجزائري وفي رأيّ بعض المحللين النفسانيين، فإن نطحة زيدان ضد مدافع المنتخب الإيطالي ماتيراتزي في نهائي كأس العالم 2006، كانت أهم منعرج في قصة زيدان مع الجزائريين، إذ كشف حينها "زيزو" عن الوجه الجزائري لزين الدين الفرنسي، فقد عرف الجزائريون بانفعالهم السريع و"دمهم الساخن" في قضايا الشرف، ورد فعل زيدان على الكلام الاستفزازي للمدافع الإيطالي حرك مشاعر كل الجزائريين الذين تضامنوا مع "زيزو" وتحولت النطحة الرأسية من لقطة غير رياضية الى مفخرة ملايين الجزائريين. 2- تبرئة ذمة "زيزو" من قضية تفضيل ألوان فرنسا ولأن زيدان لم يرفض اللعب للجزائر خلال مسيرته الدولية، بل الاتحاد الكروي الجزائري، هو الذي لم يهتم في بداية التسعينيات بزيدان عندما كان يلعب لنادي "كان"، القريب من بيته بمرسيليا، فإن عشاق "الخضر" لم يلوموا "زيزو" على حمله ألوان المنتخب الفرنسي عوض ارتدائه القميص الأخضر. وقيل كثيرٌ عن رفض مدرب الخضر آنذاك، المرحوم الشيخ، كرمالي، ضم ابن مرسيليا، إلى تعداد المنتخب الجزائري بقيادة رابح ماجر وجمال مناد، خلال كأسي أمم أفريقيا 1990 و1992، وظل الجدل قائماً في الجزائر بين من حمل كرمالي مسؤولية تضييع ورقة زيدان، ومن كان يقول إن الاتحاد الجزائري لم يكن مهيكلاً بالشكل الذي يسمح له بضم أحسن المغتربين، وبالتالي لم يحمل زيدان مسؤولية اختياره للمنتخب الفرنسي على المنتخب الجزائري. 3- حديثه عن نجوم الثمانينيات وتعلقه بجيل ماجر وبلومي فاجأ الجزائريين وروى زيزو في عدة مناسبات، إنه كان مناصراً للمنتخب الجزائري، الذي شاهد مبارياته في مونديال المكسيك سنة 1986 عبر الشاشة رفقة أبناء العم بقريتهم البجاوية، وكان يعرف أسماء أغلب اللاعبين، منهم جمال زيدان ورابح ماجر ولخضر بلومي نجوم المنتخب في الثمانينيات، كاشفاً للرأي العام ارتباطه الوثيق بكرة القدم الجزائرية منذ صغره فكانت أحد عوامل حب الجزائريين لمانح فرنسا لقبها العالمي الوحيد برأسيتين تاريخيتين ضد منتخب البرازيل سنة 1998. 4 - كلام زيدان عن والده راعي الغنم رفع من قيمته في الجزائر ونجح "زيزو" في كسب ود الجزائريين بفضل تصريحاته المتكررة حول جذوره الجزائرية، فلم يتردد في القول بصوت مرتفع وفي مختلف المواعيد الإعلامية الدولية عندما كان يلعب في يوفنتوس أو في ريال مدريد، بأنه "لم ينس من أين جاء والداه"، وأين تربى أبوه إسماعيل وأمه مليكة، قبل أن يختار الأب الهجرة نحو مرسيليا مغادراً قرية "أقمون" القريبة من بجاية بفعل الفقر المدقع، فكان تصريحه المؤثر عن والده "أبي كان يرعى الغنم في صباه في المرتفعات القبائلية بالجزائر وأنا أفتخر به". كلام زيدان عن قرى الجزائر العميقة ساهم في رفع اسهمه بشكل كبير لدى الشبان والشيوخ والنساء فسكن زيزو الفنان قلوب الجميع. 5- "أنا جزائري وفخور بجزائريتي" جملةٌ سكن بها قلوب الملايين ولعل التصريح المثير الذي تقدم به المدير الفني لريال مدريد حالياً، للفضائيات الفرنسية في ديسمبر 2006، وهو ينزل من الطائرة الرئاسية بالجزائر، رفقة والديه وشقيقه، جعل زيدان يرتمي بين أحضان بلد الأجداد، حيث قال أمام الكاميرات الفرنسية: "أنا جزائري وفخور بجزائريتي، وكان لزاماً علي قيادة والدي الى القرية التي تربى فيها ولعبت فيها في صبايا، فالجزائر ستبقى دوماً في قلبي". 6- مشاريع خيرية، وحافلات للتلاميذ الفقراء قربته من الجزائر ولم يتردد زيدان في تقديم الدعم المباشر وغير المباشر للشباب الجزائري من خلال تمويل مشاريع خيرية متعددة، منها تخصيص حافلات مدرسية لأطفال القرى ببجاية التي تبعد عن العاصة الجزائر ب130 كلم، وتزويد بعض المستشفيات بسيارات إسعاف، ناهيك عن بناء دور للأطفال المعاقين والمحرومين، وهو نشاط خيري لا يستهان به، أثبت به نجم الريال ويوفنتوس ومنتخب الديكة ولاءه وتعلقه بالجزائر وشبعها الشغوف. 7- رفع راية الجزائر في القبة البيضاء وذرف الدموع على المباشر وكبرت صورة زيزو لدى الجماهير، التي خرجت بمئات الآلاف لاستقباله بعد مونديال ألمانيا2006، وازدحم الآلاف لرؤيته في المباراة الخيرية التي جرت سنة 2010 بالقبة البيضاء بين منتخبي الجزائر 82 وفرنسا 1998. ليذرف زيزو الدموع، وهو يحمل العلم الجزائري، ويرتدي قميص الخضر في دورة شرفية على بساط "الصالة البيضاوية"، حيث بث التلفزيون العمومي المشهد المؤثر، فسكن زيدان قلوب كل الأجيال الجزائرية الى الأبد. الشعب الجزائري طالب زيدان مدرباً للخضر ولأن زيدان لم يلعب للمنتخب الجزائري، فإن اسمه طرح مراراً على طاولة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، محمد روراوة، بعد مونديال 2010، كي يستقدم "زيزو" كمدرب للمنتخب الجزائري بعد رحيل الشيخ رابح سعدان، وهي الفكرة التي تجاوب معها الجزائريون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على الرغم من أن زيزو في قتها لم يكن يحمل شهادات تدريب، ولم يفكر بعد في خوض تجربة في هذا المجال، وظل حلم رؤية زيدان مع المنتخب الجزائري قائماً، ولو من على دكة الاحتياط. المصدر : العربي الجديد