اختفاء الحزب منذ التشريعيات وقراره مقاطعة المحليات أكبر المؤشرات بعد فترة من الغموض والضبابية تأكد بشكل "شبه رسمي"، انخراط "جبهة التغيير" المنشقة عن حمس في مشروع القيادي التاريخي في الحركة "مصطفى بلمهدي"، لإعادة توحيد جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر بإيعاز من مكتب إرشاد الإخوان في القاهرة بعد أن رفع هذا الأخير الغطاء عن حمس وجبهة التغيير لفشلهما في لم شمل الجماعة في الجزائر. وتأتي هذه الخطوة في سياق خطة لإعادة تفعيل "فرع الجزائر" الذي كان يعتبر من أقوى فروع الجماعة، قبل انطلاق أحداث ما يعرف ب«الربيع العربي"، ليتحول الآن في "وقت جني الحصاد" إلى أضعفها بعد أن نخرته الصراعات والتجاذبات الداخلية. ويعد المؤشر الأبرز لهذا الانخراط قرار "جبهة التغيير" بزعامة وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة مقاطعة الانتخابات المحلية في التاسع والعشرين من الشهر الداخل، كما يؤكد غياب حزب مناصرة عن الساحة السياسية والإعلامية وحجب موقعه الإلكتروني منذ إعلان نتائج التشريعيات الأخيرة هذا السيناريو. وذكرت مصادر متابعة للموضوع في حديث ل«البلاد"، أن مناصرة عارض في بداية الأمر مشروع رفيق الراحل نحناح في تأسيس حمس، مصطفى بلمهدي، لاعتقاده عدم جدوى تشكيل هيكل سياسي جديد يحمل نفس أفكار وتوجهات و«ارتباطات" جبهة التغيير الحاصلة على ترخيص الداخلية. وأضافت مصادر مطلعة على حراك الكواليس الجاري بهذا الخصوص، أن وزير الصناعة الأسبق لا يتصور بعد كل هذا المجهود والعناء العودة إلى نقطة الصفر وحل الحزب وصرف المناضلين المنخرطين فيه، إضافة إلى ما قد يشكله حل "جبهة التغيير" من إحراج كبير لمناصرة أمام الجهات الرسمية والرأي العام الوطني على حد سواء. من جهة أخرى، تحفظ المقربون من بلمهدي على الخوض في أية تفاصيل تتعلق بمشروع الحزب الجديد، الذي تسرب بأنه سيحمل اسم "حركة البناء الوطني"، خصوصا أن الاتصالات مع الأطراف المعنية لم تستكمل لحد الساعة، خاصة مع قيادات حركة مجتمع السلم التي ترفض تزكية مسعى بلمهدي وتتشبث بأمل إعادة العلاقة مع الجماعة الأم بمصر، وهو الإشكال الذي يبدو أنه المعرقل الرئيسي لإطلاق حزب "البناء الوطني"، حيث لم يحصل بلمهدي على وكالة مطلقة من مكتب الإرشاد لتنظيم أوضاع منتسبي الإخوان المسلمين في الجزائر، حيث تشير المصادر إلى أن هذا الأخير أخذ وكالة "مقيدة" بشروط على رأسها استقطاب مناضلي حمس بحكم تمثيلهم الوعاء الأكبر من المقتنعين بفكر "الجماعة" في الجزائر وهو ما لم يتحقق إلى الآن، بسبب ترسبات الصراع مع جماعة مناصرة الذي انشق وأسس وقتها حركة الدعوة والتغيير، وبالتالي لا يعتبر بلمهدي مؤهلا لجمع شتات أبناء الحركة لأنه لا يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف المتصارعة، بحسب ما تذهب إليه أوساط من حركة الراحل نحناح. يذكر أن عبد الحميد مداود الذي تبنى رأيا وسطا أيام الأزمة بين جناحي أبو جرة ومناصرة، رفقة الوزير السابق عبد القادر سماري، والقياديين حاج عزيز ولخضر رابحي، قد انضموا إلى مشروع حركة "البناء الوطني" رغم أن معالمه النهائية لم تتضح بعد