مثل إريك كانتونا وقبله زين الدين زيدان، تعلم سمير نصري مهنته بالطريقة القديمة في مرسيليا. ويستفيد أرسنال الآن من ازدهار مهارات المعجزة الفرنسية الأخيرة في خط الوسط. وعندما تكون معجزة منذ أن يكون عمرك ثماني سنوات، وتأتي من إحدى أشهر المدن في أوروبا لإنتاج أفضل لاعبي كرة القدم. فهذا ليس من الغريب أن تجلس على المقعد المفضل لتيري هنري في حافلة منتخب بلاده. وهذا ينسحب على سمير نصري لاعب مرسيليا السابق والآن في أرسنال والذي مازال يؤمن بأنه يمكن لناديه الجديد أن يكون له تأثير كبير في هذا الموسم. وهذا أول حديث لنصري منذ وصوله إلى الدوري الممتاز رغم أنه اعتاد على وجوده في دائرة الأضواء لفترة أطول مما يمكن أن يتوقع من لاعب يبلغ 21 عاماً. وعندما كان لايزال مراهقاً في مرسيليا في صفوف الشباب، تقرير وثائقي عن فريق الشباب جعله نجماً في كل أنحاء فرنسا، وقد حددته الصحافة الفرنسية بأنه لاعب شاب. قد يكون نصري مراهقاً، لكنه أصبح اللاعب الأساسي في خطة المدير الفني لأرسنال، آرسن فينغر، منذ أن اشترى خدماته في تموز الماضي بمبلغ 12 مليون جنيه إسترليني. وأكثر من ذلك فقد شارك أساسياً للنادي اللندني في آخر 11 مباراة له. قبل كل شيء نصري على ثقة من موسم أرسنال هذا العام، على الرغم أنه يأتي ترتيبه في المركز الخامس ب45 نقطة ويتقدمه أستون فيلا ب51 نقطة وتشلسي ب52 نقطة من 26 مباراة لكل منهم، إذا قال عن ذلك: "يرغب أرسنال في لعب كرة قدم جميلة، لذا فعندما نواجه فريقاً ماهراً الذي يحب أن يهاجم ويلعب الكرة بقوة، فهذا يسّهل علينا ستغلال الفرص. فعندما جاء مانشستر يونايتد إلى ملعب الإمارات أتيحت لنا الفرصة للعب بشكل جيد. أما عندما يحضر فريق ويشدد الرقابة ويتراجع للدفاع عن مرماه فقط (كما حصل في التعادل السلبي لأرسنال مع ساندرلاند الأحد الماضي)، فإننا نجد الأمور أكثر صعوبة. لا أعتقد أننا بحاجة إلى لاعب وسط. ما ينقصنا فعلاً هو عودة لاعبينا المصابين، عندها سيشاهد الجمهور وجهاً آخر لأرسنال". نشأ نصري في مرسيليا وبدأ التدريب مع أولمبيك مرسيليا منذ أن كان في الثامنة من عمره. وخلال تلك السنوات التكوينية شاهد من المدرجات المقوسة لفيلودروم مرسيليا يقهر أوروبا تحت الإدارة الفاسدة لمالك النادي برنار تابي. الفريق ذاته، وقد ثبت في وقت لاحق، منع من حصول نادي موناكو تحت إدارة فينغر على لقبين على الأقل من خلال التلاعب بنتائج المباريات. ويتذكر نصري صباه في مرسيليا فيقول: "لقد كنت مشجعاً كبيراً للنادي، ورأيت الفريق العظيم في تسعينات القرن الماضي، نصري بقميص المنتخب الفرنسي صوصاً عندما فزنا بدوري الأبطال للأندية الأوروبية في 1993. أنا اللاعب الوحيد الذي احترفت، ولكن في مرسيليا هناك الكثير من اللاعبين المشهورين، خصوصاً زين الدين زيدان وإريك كانتونا، نحن جميعاً في مرسيليا نحب كرة القدم. الأطفال يلعبونها في الشوارع، ومن ثم فإنه من السهل جداً ملاحظة لاعب جيد ومميز، مما يجعل لاعب مرسيليا خاصاً. الشيء الذي جلب الانتباه أكثر هو المزاج المتهور لكانتونا على أرض الملعب. إن مستوى مهارته وتقنيته على الكرة هي من الأمور التي كانت واضحة في مرسيليا. هذا شارع كرة القدم الذي كنت أتحدث عنه يمنحك القدرة التي تحتاج إليها في لعبة التمريرات القصيرة". والأهم في أرسنال أن نصري يتطابق مع نظرية فينغر بأن النادي سينجح في وقت قريب. فموسمه قد تخلله بعض الارتفاعات المثيرة، خصوصاً في تسجيله هدفي الفوز في مرمى مانشستر يونايتد في الإمارات في تشرين الثاني الماضي، ولكن كانت هناك أيضاً إحباطات لأرسنال في هذا الموسم. وقال نصري عندما كان على استعداد لترك مرسيليا: إن إرسنال لم يكن خياره الأول، بل الخيار الوحيد، وكان قراراً صعباً لأنه لعب للنادي الفرنسي لمدة 12 عاماً، وعاش هناك عشرين عاماً. فهو يعتقد أن أرسنال كان المكان الأمثل لأنه يملك مدرباً جيداً الذي وضع ثقته في اللاعبين الشباب. وأضاف نصري: "أعتقد أن الكثير من اللاعبين الشباب الفرنسيين لديهم الشعور ذاته، فهم يلقون نظرة على العمل الذي قام به فينغر مع اللاعبين الفرنسيين الذين هم في النادي. وهناك شعور قوي فعلاً بين اللاعبين الفرنسيين بأن نصري يحتفل بأحد أهدافه مع أرسنال. أرسنال هو النادي المثالي للانضمام إليه. والكثير من الناس معجبون بالعمل الذي قام به فينغر في أرسنال، وجميع المدربين أيضاً هم يعتقدون بأنه النموذج الذي ينبغي اتباعه، والجماهير تأمل في أن يأتي اليوم الذي يقوم بتدريب المنتخب الوطني". وعندما يتحدث نصري عن اللاعبين الشباب فهو يشير إلى كريم بن زيمة وحاتم بن عرفة الذي فاز معه ببطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 17 عاماً في 2004. وكان نصري وبن زيمة من بين الشباب في منتخب فرنسا لكأس الأمم الأوروبية لعام 2008 في الصيف الماضي، إذ خرج الفريق من البطولة بعد فشله في تخطي مرحلة المجموعات. وزعم أن خلافات كانت قد ازدادت بين اللاعبين الكبار في السن مثل هنري وليليان تورام ووليام غالاس وبين نصري ونظرائه. الادعاءات بطبيعة الحال جاءت من غالاس نفسه. الاتهام كان أن نصري جلس على المقعد المفضل لهنري في حافلة الفريق ورفض التخلي عنه. تجاهل للحظات عبثية هنري بالمطالبة بمقعده المفضل. ولكن هل كان هذا صحيحاً؟ تداعيات الحادث استمرت فترة طويلة حتى وصلت إلى موسم أرسنال عندما زعم غالاس في سيرته الذاتيه وقاحة من لم يذكر اسمه: 20 عاماً لاعب فرنسي خلال بطولة الأمم الأوروبية لعام 2008 على نطاق واسع يدعى نصري ويبدو لذلك، وغيرها من الأمور التي ذكرها حول الاضطرابات في أرسنال، فإن فينغر جرده من شارة قيادة الفريق في تشرين الثاني الماضي عندما نشر كتاب سيرته الذاتية. أما نصري فيقول عن الحادث: "قالوا لي إنني أظهرت عدم احترام لتيري هنري. ببساطة شديدة عندما بدأت مع المنتخب الفرنسي كان هنري مصاباً في ظهره، وكنت أجلس في مكان ما في الحافلة وعند عودته تبيّن أنه كان يجلس على المقعد ذاته. وبمجرد أن اكتشفت ذلك وقفت وسمحت له بالجلوس. ربما كان بعضهم يبحث عن ذرائع لأننا لم نفعل شيئاً في يورو 2008". أما بالنسبة إلى غالاس، فإن نصري يعترف بأن بعض الخلافات كانت موجودة في وجهات النظر في الصيف الماضي، لكنه ادعى أنها أصبحت شيئاً من الماضي. إذ قال: "تجادلنا أثناء التدريب في يورو 2008 ولكن على الفور. نصري سعيد بأحد أهدافه مع أرسنال صبح ذلك في الحكم المنسي. ومنذ أن جئت إلى أرسنال لم تكن لي أي مشكلة، فلدينا علاقات جيدة وهناك مجرد أشياء قد تحصل أثناء التدريب". نصري استقر في منطقة هامستيد في شمال لندن حيث يقيم مع صديقته تاتيانا غولوفين لاعبة تنس فرنسية من أصل روسي، والتي احتلت المركز ال12 عالمياً في تصنيف لاعبات التنس المحترفات، وهي مصابة في الوقت الحاضر لذا لم تشارك في البطولات الحالية. وقد تم مقارنة نصري بمواطنه روبير بيريس إلى درجة أنه، على غرار الجناح الفرنسي، ينبغي إعطاء فترة لمدة سنة على الأقل للسماح له بالتكيّف مع كرة القدم الإنجليزية، رغم أنه لم يظهر عليه أي ارتباك كما طغى على بيريس في أول موسم له في الدوري الإنجليزي في 2000 -2001. وكان بيريس 27 عاماً عندما وصل إلى أرسنال من مرسيليا، سبع سنوات أكبر من نصري عندما وصل إلى شمال لندن في الصيف الماضي. ومثل مديره الفني، فإن نصري في حاجة إلى المزيد من الصبر، حيث يقول: "أعتقد أن الفريق الذي يبقى أعضاؤه معاً لمدة ثلاث أو أربع سنوات سيتقدم مع تقدم التجربة، ويحصل على الخبرة من خلال اللعب معاً. لقد لعبت ضد أندريه أرشافين (اللاعب الروسي الذي اشترى أرسنال خدماته في فترة الانتقالات في كانون الثاني الماضي) عندما كان في زينيت سان بطرسبورغ، وكنت في مرسيليا. إنه لاعب ممتاز وسيعطينا هذا الاختراق الذي نفتقر إليه في الوقت الحاضر". سمير نصري من مواليد: 26 حزيران 1987، مرسيليا. 2004 2008 لعب 145 مباراة مع مرسيليا وسجل 11 هدفاً 2008 لحد الآن، أرسنال 28 مباراة، 6 أهداف 2007 لحد الآن لعب مع منتخب فرنسا 14 مرة مسجلاً هدفين، في عام 2007 اختير أفضل لاعب شاب في دوري الدرجة الأولى الفرنسي متقدماً كريم بن زيمة.