رضا بن عاشور هذا وعد قطعته على نفسها سيدة الثقافة والصحافة: خرجنا من بوابة إفريقيا صفر اليدين وسنعود إليها على وقع ضرب البندير (والشيتة) مع دار الأوبرا الجديدة التي يمولها ويبنيها لنا الصنيون بعد أن تكون كعبة للرقص بالنسبة للأفارقة، خاصة أنها الأولى أو الثانية من نوعها في القارة فهم سيزحفون إليها يقينا تعلمهم الرقص على البطن!! عودة الخطوط… ثمة إجماع عام على كون جميع الخطوط التي كانت مربوطة منذ أيام بومدين والشاذلي مع جيراننا الأفارقة قد قطعت في السنوات الأخيرة، وهذا بعد أن أدار النظام ظهره إلى الأفارقة، فقد يكونون شحاذين ومتسولين أكثر من اللزوم، وهذا بسبب من الأسباب التي تجعل من أغلق الباب الذي يأتي منه الريح سلوكا مقبولا، وبذلك نستريح! فالأصل في الشحاذ والمتسول بصيرا أو أعمى أنه يفتش في كل مكان لعله يحصل على غنيمة باردة ناضجة من وراء أي صفقة يبرمها أو يكون طرفا فيها، وهذا ما جعل عصابات المتسولين تلهث وراء أوروبا مثلا أو الصين بدلا أن تتجه إلى إفريقيا، فالأولون يدفعون والآخرون ينتظرون أن يقبضوا، ومحال في كل الأزمان والأحوال أن تجد متسولا محترفا يعيش من الصفقات والعمولات أن يمدّ يده لمتسول آخر ليقبض رشوة هذه قناعة معروفة لدى الجميع بمن فيهم الذين يسافرون إلى أدغال إفريقيا وبعضهم وقع في الأسر، فهم يقولون إنهم يراسلون دولتهم لكي يصدروا دڤلة نور، فلا يستجيبون وقس على التمر كل المشاريع التي أنجزت مع الطرفين الإفريقي والعربي، فهي إما أنها أغلقت أبوابها وسرحت عمالها، أو بيعت للأجانب في سوق النخاسة أو أنها ماتت قبل أن تولد.. وهذه مصيبة مزدوجة لأن الاستثمار في الداخل تلاحقه الأصفار وفي الخارج يلاحقه الإعصار المتشكل داخل أمخاخ سلالات الفار! ومع ذلك، فإن ثمة استفاقة تشبه استفاقة المحتضر الذي قاربت روحه أن تخرج إلى بارئها، فالبلاد التي أنجزت الطريق السيار شرق غرب ليصل الحدود المغلقة بحدود جواز السفر تعتزم قريبا جدا إنجاز طريق مماثل باتجاه جنوب الصحراء والساحل (الرملي)، كما يسمى، سيسمح على الأرجح بأن يمر منه البشر وقطيع الأغنام والجاموس والبقر، ويسلكه المهربون خارج نقاط التفتيش وبعيدا عن الرادار الجوي… فقريبا ستحوم هناك سياسة طيارة من دون طيار تباغت عدوّها كالنسر ليلا أو في منتصف النّهار، حين يشتد الحر ويركن المجاهد الإرهابي الى قيلولة مستحقة! مع ما يكابده وما ينتظره من كر وفر. وقبل الطريق بدأت الاستفاقة فعليا مع إنجاز أول خط مكهرب مستلهم من الثنائي الاستعماري شال وموريس بربط بين مدينة جزائرية وأخرى مالية! فالمشروع الذي سيربط المتسللين برا بأسلاك قد يتطور لكي يصبح خطا كهربائيا يعمل في السلم كما يعلم في الحرب، فقد يصبح ناقلا للكهرباء بعدما نصبح من المصدرين إلى أوروبا غربا وإفريقيا جنوبا وربما إلى الجارين مع أن جارة تمول بعض مناطقنا وهذا بالطبع مع وجود ثروات ونزوات شعبية سببها ندرة الكهرباء والماء والغاز في بلد البترول! رب الدار… على شاكلة أرباب العمل وعدد من رؤساء شركات عمي موح التي نجت من مقص الخصخصة، الذين يبشرون بتصدير الشعير للخارج حتي قبل أن ينبت، أقرت خليدة تومي بأن بالي الشناوة الذي أهدي للجزائريين في العيد الخمسين للثورة سيكون قبلة للفن ومدرسة مهمة في إفريقيا! هذا ما أقرت به مسؤولة الثقافة التي تحرص على تكريس ثقافة الحرص على البقاء في الكرسي كما سماها عزيز الأفلان بلخادم، وهو الحرص الذي سيمكنها حتما من تدشين دار الأوبرا بعد أن وضعت حجره الأساسي وأول ما ستفكر فيه من الآن خليدة هو من يجعل على رأس الأوبرا. فهذا من رأس الأولويات بالنسبة إليها، خاصة أنها تجربة أولى من نوعها، فالبلاد ولاسابقة لها مع دار أوبرا، وإن كان عندها بالي وطني يخرج في المناسبات للاحتفال بالإنجازات الثورية والشعبية والحكومية الهائلة! فمن سيكون صاحب الحظ العظيم في الوصول إلى إدارتها، على أن تكون مسلمة له إلى نهاية العمر كما يحدث مع كل مستفيد من وظيفة يرتزق منها، ومعها ترتزق عصابة سوء وجهالة؟ قد تقرر الوزيرة على طريقة تعيينات مسؤولي الغفلة الذين نصبهم النظام منذ دخولنا مكافحة الإرهاب ومازالوا فيها أن تختار واحدا من هذه الرهوط أو أنهم يختارون لها رهطا. فإن لم تكن تختار أكبر ضارب للطبل أو الزرنة باعتباره مثقفا في هذا الميدان وشيمته كرب الدار مع أولاده الرقص على أنغام ڤروابي الشعبية (الديمقراطية) وما أحلى ما تسمعون وتشاهدون والمطلوب فقط ألا يبدي المعني بالقرار أية ملاحظة، فهو كغيره سيتعلم البالي مثلما تعلم الرعيان الحجامة في رؤوس اليتامي، وهذا منذ أيام تدشين أكبر مصنع وشركة ودار “وبار” إلى أكبر “مربع” ودائرة وبلدية لا يحكمها إلا من كان صاحب بزنسة ومرخصة بعدما اقتضت السياسة والساسة ذلك! والمشكلة ستبقى مع الأفارقة، لأن هؤلاء أيضا أصحاب رقص، وأصحاب مزامير وطبول كما رأيناهم في المونديال، فماذا يفعلون بالأوبرا كفن راقٍ وأصيل يراد له أن ينبت كما ينبت الملح في عين الملح؟! وهم مازلوا مثلنا أو أكثر مهلوسين بمطاردة كسرة خبز وحبات أرز وفول! تخوفه في محله ثمة تخوف حقيقي من ألا تصدق تنبؤات الوزيرة مثلما لا تصدق تنبؤات الحكومة، إلا في ميدان إنجاح الانتخابات دون الحاجة إلى المواطنين والصحافة والثقافة والسخافة فلا تصبح دار الأوبرا قبلة للفن خاصة أن بعضنا من المتخلقين بربطه بالفن وكلعبة للأفارقة! فلماذا يورطنا الصينيون إذن في شيء لا نقدر عليه ولا نتذوقه ولا حتى نعرفه؟ قد يكون هناك إحساس عند الجنس الأصفر بأننا مازلنا نعيش في عصر الجنس الأحمر الذي قضى عليه أحفاد جورج واشنطن مع تأسيس أمريكا في العالم الجديد! فالصينون المعروفون بالدقة في أقل التفاصيل يكونون قد أذهلهم كيف أصبح واحدا هزيلا مثل الشاب مامي مثلا يلج أبواب السياسيين ويعرف علة مرضهم وصحتهم، وكيف أصبحت خليدة نفسها مثقفة وتعمل على تعميم الشطح على كافة الشرائح كما ثبت في احتفالات الكرة مثلا مثلما قام الكولاق السابق بن بوزيد وزير التربية بتعميم الجهل إلى الحد الذي أوصل فيه نسبة معتبرة من أشباه المثقفين لكي يكونوا معيدين في الجامعة يقومون بمهمة إعادة توزيع الجهل على الطلاب لاستفادة منه! وتصوروا معي إذا كان مدير البحث العلمي في دولة العلم، أي الدولة التي تحتفل بيوم العلم (اليوم واحد) وباقي الأيام جهل وصك بغل اتضح أنه سارق أبحاث علمية، ماذا يمكننا أن نقول عن الآخرين؟ لا شيء فالأمر “نورمال” و”البالي” أي المكنسة بلهجة الجزائريين قادرة على طرد كل جيد. أما الصينيون فقد يكون لهم رأي خارجي آخر، وهو أنه بعد خمسين عاما مازالت الإعاقة الكبرى مسألة الإنسان الذي ينظر إليه على كونه حيوانا!