بعدما ظهر أن الطائرة العسكرية الجزائرية التي تعرضت بفرنسا لحادث جوي أدى إلى تحطمها، كانت في مهمة “بنكية” تتعلق بجلب شحنات من الورق المستعمل في صناعة العملة الوطنية لفائدة بنك الجزائر، فإن القراءة الأولى للحادث لا علاقة له بما سيكشفه صندوق الطائرة الأسود من أعطال تقنية تكون قد تسببت في السقوط، وإنما في علاقة الكوارث بلعنة تكون قد أصبحت مرادفا لكل ما يرمز إلى دار النقود. فالمال الجزائري المكنوز أضحى مع الأيام سبب أزماتنا سواء كانت مطامع خارجية أو مهالك طبيعية.. في الصيف الفارط، وفي عز انشغال الوطن ومواطنيه بتشريعيات “الناتو على الأبواب”، قطع فاصل “ناري” انتخابات “أجنانهم طاب” ليتصدر الأحداث الانتخابية، خبرا عن حريق كبير شب بمطبعة دار النقود برويسو، حيث أكلت النيران أخضر المخزون ويابسه، ورغم حجم الكارثة وابتذالها لكون الأمر يعني مطبعة “المال” الرسمية، إلا أن أقصى ما عرفناه بعد حين أن النار أضرمها الإهمال، وأنه لا فعل إجرامي في موضوع، أن دينارك يا جزائر احترق، والمتهم كما تعرفون دائما القضاء والقدر.. بعد أشهر على حادثة الإهمال الداخلي، حيث الجاني شرارة كهربائية أحرقت دار “النقود”، كما لاتزال تحرق المارة أمام الأعمدة الكهربائية العارية الأسلاك، جاء الدور على الحريق الخارجي، فمخزون الورق المستعمل في طباعة العملة الوطنية احترق مع الطائرة المحطمة. والتفسير الوحيد للظاهرة أن “المال” يفر ويحترق من بين أيدينا وأن الجزائر “الغنية” والمنتفخة بسبب احتياطي الصرف المكدس في بنوك الخارج أصيبت بعين حاسد، لتلازمها لعنة أصبحت مرادفا لأوراق الطبع المالية المتلفة أو المحترقة، فابحثوا لكم عن “رقاة” محترفين يرقون لكم دار النقود، فإن “المس” فيها أصبح أمرا ثابتا، مادامت كل التحقيقات ستقودنا إلى متهم يسمى حادث “إهمال” عرضي، حدث في الداخل وحدث في الخارج.