الحرارة ألهبت غابات الجزائر مسألة مفهومة ومعقولة! والحرارة أربكت سونلغاز، وأدت إلى انقطاعات غير مسبوقة في التيار الكهربائي، مسألة قد تكون مفهومة أيضا! ولكن لا يمكن أن نفهم، أو نتفهم أبدا، بأن احتراق المطبعة الوطنية للنقود وجوازات السفر هو، أيضا، بفعل الحرارة، أو حتى الشرارة الكهربائية، في بلد قطعت عنه أصلا الكهرباء! المطبعة احترقت، أو أحرقت بفعل فاعل! ولا أحد اهتم بالرأي العام و''عبره''، وقال له ماذا حدث في هذا الحريق؟! كل ما قيل إن الحريق حدث، وأن مصالح الأمن تحقق في الموضوع! وقد ينتهي التحقيق كالعادة إلى تسجيل ما حدث ضد مجهول؟ ويبقى المعلوم الوحيد في الموضوع هو أن المواطن سيواجه ندرة في جوازات السفر التي أحرقت.. وسيواجه ندرة في الأوراق المالية التي أحرقت، وأحرقت وسائل إنتاجها؟! ورغم أن البنك المركزي لجأ إلى المخزون الاحتياطي للأوراق المالية، لسد الثغرة التي أحدثتها الكارثة، إلا أن المواطن سيدفع الثمن، بطريقة أو أخرى! الحكومة ومصالح الأمن التي لا تستطيع تأمين مطبعة للنقود، بالصورة المطلوبة، كيف يرتاح لها المواطن أن تقوم بتأمين أمنه وأمن البلد؟! والحكومة التي تفشل في إنتاج الثروة الورقية كيف يطمع المواطن، أو يأمل منها، أن تنتج الثروة المادية؟! السكوت عما حدث في حريق رويسو فتح الباب أمام تأويلات كثيرة، ليس أقلها سوءا القول إن ما حرق هي الأوراق فقط، للتغطية على ما نهب من أموال.. وبالطبع سيسجل ذلك على حساب النار التي اشتعلت بفعل الحرارة، والشرارة الكهربائية المقطوعة أصلا؟! مشكلة البلاد هي أن التحقيق في الإهمال والكوارث التي يحدثها الإهمال ينتهي دائما إلى قضاء وقدر، ويقيد الأمر ضد مجهول.. ولا يحاسب على التقصير لا الفاعل، ولا المسؤول، ولا حتى المقصر في إجراء التحقيق المطلوب؟! الجزائر هي البلد الوحيد في العالم التي لا يعاقب فيها المسؤول عن التقصير، وأقصى ما يمكن أن يعاقب به هو إبعاده عن المنصب، مع ضمان كل حقوقه المادية والمعنوية، بصورة أفضل مما كانت عليه أثناء تواجده في المنصب؟! أحد طويلي اللسان قال إن العمال الذين ينتجون الأوراق المالية في هذه المطبعة بالملايير يوميا.. ولا يأخذون منها حقهم، هم الذين أحرقوا الإنتاج، حقدا على المستفيدين من هذه المبالغ المطبوعة! بهذه البساطة والسذاجة تفسر الأمور، حين يلف الصمت مثل هذه القضايا الحساسة؟! [email protected]