الطفلة شيماء التي قامت عليها قيامة الأجهزة الأمنية بمختلف أسلاكها بعد أن عثر عليها “زوار” مقبرة سيدي عبدالله، جثة مرمية تم انتهاك صباها قبل قتلها، تلك الطفلة وتلك الطفولة البريئة المغتالة، أظهرت مجهودات أمن زرالدة بأنها راحت ضحية لإطلاق “مخدرات” صديقة، بين قاتل ووالد قتيلة، مما يعني أن الهالة والهول الشعبي الذي تعاطف مع البراءة المؤودة في بلد الهيروين والكيف والقناطير المقنطرة من “زطلة” جارنا أمير المؤمنين، صدمته الحقيقة المرة، حينما اكتشفت مصالح الأمن أن قاتل الصبية والصبا الجزائري لم يكن إلا مخدرات كانت تسوق في إبريق شاي يتجول هنا وهناك، ليكتشف الأمر بعد أن حامت الشكوك حول رفقة “بائع الشاي” أو والد الصغيرة شيماء والتي أظهرت التحقيقات الأولية، أن قاتلها المفترض لم يكن إلا صديق الوالد المقرب الذي تعرفه مصالح الأمن جيدا كمطلوب، صدرت ضده أحكام قضائية بالقبض، لكنه ظل طليقا حتى اللحظة التي فعل فيها فعلته في شيماء وفي وطن مأزوم بأكثر من مشروع شيماء لا يزال محل تربص في انتظار قاتل حر، لا تتذكره مصالح الأمن إلا بعد أن يقضي في البراءة وفي الناس مقتله.. السرعة التي أماطت بها مصالح الأمن بزرالدة، حيث إقامات المسؤولين الكبرى، أطوار الجريمة في لمح البصر، تدفعنا للتوقف أكثر من مرة أمام سؤال، أين كان الأمن، حينما كان مجرما معروفا ومطلوبا لدى العدالة، يتجول حرا، ومن المسؤول عن مقتل شيماء؟ هل هو كأس الشاي الذي تحوم حوله شبهات الترويج، لما تحت “الشاي” من ممنوعات كان والد الضحية يجول ويصول بها دون خوف، أم أنها مصالح أمن زرالدة التي لم تتفطن، رغم أنها تحرس أهم الإقامات الرسمية الأكثر أهمية، لما يجري في شوارعها من ترويج مزمن لشاي مشبوه، نظن أن المدير العام للأمن الوطني، سي الهامل، مفروض عليه، أن يقف بنفسه أمام الخلل الذي سهل مهمة “القاتل” الذي كان يمكنه أن يظل حرا، يسرح ويمرح، لولا قضية شيماء، فلا أمن تذكره ولا “ردار” متطور، رصد سرعته إلا بعد “واقعة” مقتل البراءة، فترى كيف يمكن أن يفتك مسبوق ومطارد قضائيا بطفلة صغيرة في أشد الأماكن، حراسة وتأهبا واستنفارا، ثم نمر على الحادثة وكأنها مجرد جريمة “عابرة” لا قتيل فيها إلا شيماء، رغم أن البعد الآخر للقضية، يحمل معالم واضحة عن تراخي وإهمال أمني مكّن “مشبوه” معروف الهوية من رمي جثة قتيلته على بعد أمتار من إقامة فرانسوا هولاند، الذي كان ضيفنا يوم قتل الإهمال الرسمي والاجتماعي، شيماء منا.. المعضلة إذا، ليست في بائع الشاي ولا في صديقه القاتل المفترض الذي شيد له كوخه القصديري ليفتك بعدها بشيماء البريئة، ولكنها، وأقصد المعضلة، في تفشي واستهلاك ومتاجرة مريحة ومربحة بمخدرات، أصبح يحدها من كافة جهات الوطن صدفة الوقوع في تفتيش أمني روتيني، تمخض مرة ومرات، على أطنان من المخدرات التي كانت تجوب نهارا جهارا طرقا وطنية دون وجل، ليقع سائق الشاحنة، أما “البارونات” ، فحتى الآن، لا أذكر إلا زنجبيلا واحدا، قيل إنه “توفي” بهوية مزيفة في مستشفى بغرب البلاد، حيث كان يعالج نفسه من المرض وليس من الإدمان الذي مكّنه من الخروج والدخول بحرية لبلد جعل منه مزرعة “أفيونه”، ضاربا بذلك كل أجهزة الرصد الأمني في الصفر المخدر.. أعلم أن “خائن الدار ما يتعسش”، لكن، شيماء وجيل شيماء المعرض للانقراض، يدفعنا مرة ومرات، لتحليل ما يجري بعيدا عن القراءات السطحية للوقائع، فالكل مسؤول عما يجري، بداية من الأسرة، إلى المدرسة، فالمسجد والأمن. وأم المخاطر والعلل في قضايا الحال، حيث التهاوي الأخلاقي بلغ منتهاه، أن الدولة ملزمة بالبحث عن “إنسانها” المفقود، فما هو ضائع في البلد وأمن البلد، هو الإنسان، الذي كانت تحرسه سلطة الضمير قبل سلطة القانون ليصاب في “تحرر” ذهني، ألغى منه كل انتماء لسلطان “القيم”، ولأن سوق المخدرات فعل فعلته في التعاطي والاستهلاك والمتاجرة التي لم تعد تستثن مساحة إلا لوثتها، فإن على وطن شيماء ألف سلام وسلام، وقبل أن نقبض على قاتل شيماء لنحاكمه علنا على ما اقترفه من إجرام فاق “عقله”، فلنبحث عمن أذهب عقله، لنحاكم فيه المخدرات والمهلوسات التي أعدمت فيه كل رحمة حين كان يغتصب طفلة وسط صراخها وخوفها ورجائها البريء في الصفح.. تخيلوا معي، هذه الصورة القاتمة والمؤلمة.. طفلة لا تتجاوز العشر من عمرها، تقطن بالعاصمة، وسط ملايين من منبهات السيارات، وحيث مئات الكاميرات الأمنية والردارات المترصدة لسرعة ال80 كلم، وبين آلاف المآذن والمدارس، تجد نفسها وأقصد شيماء القتيلة، وحدها في مواجهة “موت” مؤلم وبائس، حيث صرخة الطفولة لم تتعد حلقها، بعد أن استقالت الدولة من مهامها لمدة يومين، لأن “هولاند” المهم، كان ضيفنا.. والرسالة التي وصلتنا بعد أن غادر زائرنا إقامته وشوارعه المحروسة، جثة صغيرة، تم رميها على بعد أمتار من إقامة الضيف العزيز، حيث مقبرة سيدي عبدالله، لا تزال شاهدة على أن قتلة أو قاتل شيماء.. كانوا يتابعون مع الحكومة ومع البرلمان ومع من لعق يد الرئيس الفرنسي، آخر أخبار الزيارة التاريخية.. أصدقكم القول، لو كنت أمتلك سلطة وزير الداخلية أو المدير العام للأمن الوطني، لأقلت المسؤولين في أمن زرالدة دفعة واحدة، والتهمة ليست في التهاون في القبض على مجرم فار، ولا في التغاضي عن بيع شاي مشبوه، ولكن في تعريض ضيفنا، رئيس فرنسا المهم إلى الخطر الداهم، فحين نعرف بأن المجرمين رموا جثة قتيلتهم المغتصبة بمقبرة سيدي عبدالله على مقربة من عشرات الإقامات الرسمية بزرالدة، نحمد الله على أخف الضررين.. حيث جاءت الضربة في شيماء ولم تأت في هولاند.. بالله عليكم ألا يستدعي الأمر الجلل إقالة وتسريح شامل لأمن ولاية تيبازة، فتهمة التهاون كشفها إبريق شاي متجول كان يطرب الناس بأغنية “يالزينة سربي لاتاي” لينتهي الترويج بقتل المارد لابنة صاحب الإبريق السحري، حيث نهاية المطاف ونهاية الزيارة الرسمية المخدرة لآلام شعب، لثم أحد مواطنيه الشرفاء يد الزائر المهم، في اعتراف وطني بنظافة يد “هولاند” من دم شيماء وكل أشم ضحى بروحه فداء لهذا البلد.