مبعوث “البلاد" لعين اميناس فتحت السلطات العمومية موقع المنشأة الغازية التي تعرضت للاعتداء الإرهابي يوم 17 جانفي الماضي، أمام الصحافة العاملية والمحلية، حيث وضعت وزارة الاتصال مع مؤسسة سونطراك، طائرة خاصة تحت تصرف 154 إعلاميا، من بينهم 99 ممثلا لوسائل إعلام أجنبية. وكان هدف الزيارة “غير المعلن" هو إطلاع الرأي العام العالمي على أن موقع احتجاز الرهائن “صعب جدا"، وأن التدخل الذي قامت به القوات الخاصة للجيش الشعبي الوطني “كان بحكمة كبيرة نظرا لصعوبة الموقف". ولدى وصول الوفد الإعلامي، أول أمس الخميس، إلى قاعدة الحياة التابعة لمركز إنتاج الغاز بتڤنتورين، الواقعة بمحيط عين أمناس المتواجد على بعد 1300 كلم جنوبالجزائر العاصمة على مستوى حوض اليزي، أعلن المدير العام لمؤسسة “سوناطراك/ بريتيش بتروليوم/ ستاتويل النرويجة"، لطفي بن عدودة، أنه سيتم في أقرب الآجال ضخ 35 بالمائة من الغاز الذي ينتجه المركب الغازي بتيڤنتورين الذي تعرض لاعتداء إرهابي، مؤكدا في حديثه لوسائل الإعلام بقاعدة الحياة أن “35 بالمائة من مجموع الإنتاج المقدر ب24 مليون متر مكعب من الغاز/يوميا منه الغاز المكثف ستضخ في الأنابيب في أقرب الآجال"، وذلك بعد “إعادة جزء واحد من المصنع للإنتاج من ضمن 3 وحدات يتكون منها المصنع". وأوضح أن إحدى وحدات إنتاج الغاز التي أصيبت خلال الاعتداء “تخضع حاليا لعملية تفتيش ومراقبة بغرض إعادة تشغيلها في ظرف وشيك"، وأشار إلى أنها “تعرضت لأضرار طفيفة"، وأكد أنه سيتم “إعادة تشغيلها بشكل جزئي"، مشددا على كفاءة الإطارات الجزائرية وقدرتها على ذلك دون يد المساعدة من طرف الشركاء الأجانب، حيث قال “سنتمكن من إعادة تشغيل جزء من المصنع بالاعتماد على الكفاءة الجزائرية فقط". في السياق ذاته، أكد وجود فريق عمل يتكون من 120 عاملا جزائريا، مشددا على أنه “لا يوجد أي عامل أجنبي حاليا في المصنع". وأوضح أن المهمة التي كلف بها التقنيون العاملون حاليا بالمركب الغازي تقوم على “عمليات تفقد على مستوى هذه الوحدة لتقييم الخسائر والتحقق من أنه لا توجد آثار عيارات أو متفجرات"، وأوضح بن عدودو أنه “لحد الآن لم يتم بعد تقييم الخسائر المالية"، مشيرا إلى أن “إنتاج الغاز أوقف منذ أول يوم من الاعتداء". الأجانب لن يعودوا قبل ثلاثة أشهر أكد المدير العام لمؤسسة “سونطراك، بريتيش بتروليوم، ستاتويل"، لطفي بن عدودة، أن سوناطراك وشركاءها البريطانيين والبرويجيين وحتى اليابانيين الممثلين في شركة “جي جي سي"، اتفقوا على أن “العمال الأجانب لن يستأنفوا العمل قبل ثلاثة أشهر"، وأنه فيما عدا الخبراء الجزائريين “لا يوجد أي عامل آخر في مركب الإنتاج الغازي". وأوضح أن عمالا يقومون حاليا بتجارب على مستوى وحدة الإنتاج رقم 1 وأن إعادة هذه الوحدة للعمل “سيتم في أقل من شهر". تعويض الإنتاج من آبار أخرى وفي سؤال عن ما إذا كان توقف المصنع عن الانتاج، وعودته للعمل كليا لن يكون قبل ثلاثة أشهر، ومدى تأثير ذلك على عقود مؤسسة سونطراك، أكد بن عدودة “هذا لن يؤثر نهائيا على التزامات سونطراك مع شركائها"، وأضاف “لقد تم تعويض هذا النقص من جهة أخرى"، حيث ذكر المدير العام للمؤسسة المختلطة بقدرة إنتاج المركب والتي تقدر ب24 مليون متر مكعب يوميا، وتوفر دخلا يوميا متوسطا يقدر ب14 مليون دولار، وقلل من آثار ذلك، مشيرا إلى أن هذا المركب يضمن 10 بالمائة فقط من الانتاج الوطني. 1260 مليار دولار خسائر التوقف ثلاثة أشهر واللافت للانتباه في تصريحات المدير العام للمؤسسة المختلطة بين “سونطراك، بريتيش بتروليوم، وستاتويل النرويجية"، أن الخسائر المادية التي تتكبدها الجزائر جراء هذا العمل الإرهابي الذي طال المركب الغازي بتڤنتورين كبيرة، رغم محاولة تقزيمها من طرف المسؤولين، حيث وبعملية بسيطة فإن الخسائر ستصل إلى 1260 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر، وتقدر ب420 مليون دولار شهريا بخسائر يومية، أكد بن عدودة أنها تقارب 14 مليون دولار. للإشارة فقد أوضح بن عدودة في عرض موجز للمؤسسة المختلطة، أن العقد من نوع اقتسام الإنتاج المتعلق بتطوير استغلال الغاز المكثف، وغاز البروبان المميع، والغاز الطبيعي المستخرج من حقول عين أمناس، قد أبرم بين سوناطراك والشركة البريطانية “بريتيش بيتروليوم" بتاريخ 29 جوان 1998، وانضمت الشركة النرويجية “ستاتويل" إلى مجمع “سوناطراك/ بريتيش بتروليوم" التي تعمل بعين أمناس بموجب التوقيع بتاريخ 3 أفريل 2004 على ملحق لعقد الشراكة، تتنازل من خلاله شركة “بريتيش بيتروليوم" لصالح ستاتويل بنسبة 50 بالمائة من حقوقها والتزاماتها في هذا العقد. المدير العام للمجمع: هذا ما حدث معي أثناء اعتقالنا من طرف المجموعة الإرهابية يوم الاعتداء كنت حاضرا هنا في قاعدة الحياة، لا أملك الكثير من التفاصيل، لكن ما حدث هنا كل له روايته الخاصة للأحداث انطلاق من التفاصيل التي عتشها، هناك الكثير من الحكايات. وأنا ساروي لكم ما حدث مع المدير العام يوم الاعتداء. كانت هناك مجموعة متكونة من 12 إرهابيا تمكنوا من اقتحام قاعدة الحياة، حيث كان هدفهم الأول الوصول إلى الغرف التي يستغلها المدير العام ومسؤولي المؤسسة، من بينهم المدير “أنا شخصيا" بن عدودة ومدير بريتش بتروليوم ومدير ستاتويل النرويجية، بالإضافة إلى ثلاث شخصيات أخرى رفيعة المستوى كانت مدعوة. كنت لسوء الحظ أول شخص ألقت القبض عليه المجموعة الإرهابية، وقد مكثت معهم لمدة ساعتين من الزمن دون أن يتمكنوا من التعرف على أني المدير العام للمجمع، وقد حاولوا بعدها إلقاء القبض على أكبر عدد ممكن من الرعايا الأجانب، حيث كان هدفهم الأول في بداية الأمر هو الشركاء، خاصة مسؤولي بريتيش وستاتويل. كان عدد الرهائن هنا بقاعدة الحياة أزيد من 400 شخص، لما تم التعرف على أغلب الأجانب تم عزلهم عن بقية العمال وأخذهم إلى زاوية أخرى من قاعدة الحياة، حيث تم تلغيم بعضهم وتركهم هناك طيلة يوم الأربعاء. وفي حدود الساعة العاشرة صباحا، تمكنوا من التعرف على هويتي وأنني المدير العام للمجمع، وبعدها قاموا بأخذ بعض الصور لي وطلبوا مني أن أوصل رغباتهم للسطات العمومية، لقد عشنا يوما صعبا جدا، خاصة بعدما تعرفوا على كل الأجانب وتم تلغيمهم وأبدوا رغبة شديدة في مغادرة الموقع واصطحاب كل الأجانب. أما العمال الجزائريين فقد تم إدخالهم إلى النادي المتواجد بقاعدة الحياة. لقد قضينا ليلة الأربعاء الى الخميس في العراء، ومنعونا من الدخول للغرف، لقد كانوا خائفين من أي عملية مرتقبة لقوات الجيش الشعبي الوطني، حيث استعملونا كدروع بشرية لتجنب تدخل قوات الجيش، وأنا شخصيا أجبروني على البقاء معهم وقضاء الليلة كاملة في العراء، وتعرضت للضرب مرتين من طرف إرهابي كان يتحدث باللهجة المصرية، ومرة ثانية عندما أردت الحديث مع الإرهابي الذي يتكلم الانجليزية، غير أن الإرهابي المصري رفض ذلك واعتدى علي بالضرب مرة أخرى، وأريد أن أشير هنا إلى أنه حدثت بعض الاشتباكات المسلحة في تلك الليلة. يوم الخميس صباحا، شعرنا أن المجموعة الارهابية غيرت تماما من طريقة تعاملها، أصبحت أكثر عدوانية معنا لأنهم تأكدوا من أنه لا يمكنهم مغادرة الموقع بعد وصول كثيف للقوات الخاصة. كما قاموا في حدود الساعة التاسعة صباحا بتقسيم العمال الأجانب الى مجموعتين وتم تغيير أماكنهم، وأخذوا مجموعة من السيارات والوقود والطعام في محاولة منهم لمغادرة قاعدة الحياة بأي ثمن، والتوجه بهم نحو وحدة إنتاج الغاز التي تبعد عن قاعدة الحياة بقرابة 3 أو 4 كيلومتر. وفي حدود الساعة العاشرة، قام الجيش بإطلاق أعيرة نارية في محاولة لتفريق المجموعة الارهابية وتشتيتها، فيما كل العمال الجزائريين تمكنوا من الفرار خارج القاعدة، وكنت أنا من بين آخر من فر من القاعدة لأنني كنت مع أحد الإرهابيين. وفي أثناء ذلك شاهدت بأم عيني إصابة أمير الإرهابيين المدعو الطاهر، ما احدث هلعا كبيرا في نفوس بقية الإرهابيين، حيث كان ذلك باديا على وجوههم، وهذا ما مكن الجميع من الفرار ومغادرة قاعدة الحياة.. هذا ما حدث معي إثناء اعتقالنا من طرف المجموعة الارهابية. رئيس المجلس الشعبي الولائي: العمل الإرهابي فاجأنا كيف عشتم هذه القضية؟ عشنا قضية تضرر منها العالم بأسره، ونحن نستنكر بشدة هذا العمل الإرهابي والإجرامي الجبان، الذي مس مركب إنتاج الغاز بتڤنتورين، ونندد بهذا العمل الذي أراد المساس بالاقتصاد الوطني، وننوه بقوات الجيش الوطني الشعبي التي تدخلت في الوقت المناسب لفك الحصار عن الرهائن الجزائريين والأجانب. هل أثر الحادث على سكان المنطقة؟ هذه العملية لم تؤثر على سكان عين أمناس، هؤلاء إرهابيين جبناء يعملون عمل الخفافيش بالليل، ونحن سنتصدى لهم كمواطنين. ما هي الإجراءات التي اتخذتموها بعد الحادثة؟ كل الإجراءات كانت متخذة من قبل، ولكن هذا العمل الجبان فاجأنا وكان على حين غرة منا، حيث لم يحدث عمل مماثل حتى أثناء العشرية الصعبة التي عاشتها الجزائر، ولم تتعرض أي منشأة بترولية مهما كان حجمها لأي اعتداء إرهابي. رئيس بلدية عين أمناس أشار رئيس بلدية عين أمناس، إلى أن العملية الإرهابية التي مست مركب الغاز بتڤنتورين لم تؤثر على سكان المنطقة، موضحا أن الجزائر متعودة على مكافحة الارهاب، منوها بدور الجيش الشعبي الوطني الذي تحكم في الوضع جيدا، ولم يسمح بمغادرة الإرهابيين للمنشأة رفقة الرهائن حتى لا يتم استعمالهم للضغط على الجزائر وابتزازها، “الحمد لله لم يحدث شيء في المركب الغازي"، واستنكر المتحدث بشدة العمل الإرهابي في تقنتورين، وأشاد بالجيش الشعبي الوطني الذي “أنقذ عين امناس من كارثة حقيقية لو تمكن الارهابيون من تفجير مصنع الغاز". وفي سؤال عن التدابير المتخذة لتفادي تكرار ما حدث، قال رئيس البلدية “سنقف في وجه أي محاولة لزعزعة استقرار الوطن واقتصاده".