إحراق مكتب حركة “النهضة” في سيدي بوزيد وتظاهرات مؤيدة لها في العاصمة استدعاء السفير الفرنسي في تونس بعد تصريحات فال الداعمة للمعارضة أحرق متظاهرون مقر حركة النهضة الحاكمة في تونس ومقر جمعية إسلامية محسوبة عليها وثلاثة مكاتب داخل مبنى المعتمدية (تمثيلية جهوية للولاية) في مدينة سوق الجديد من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب)، على ما أفاد مراسل فرانس برس بالمنطقة. وتشهد عدة ولايات تونسية اضطرابات وأعمال عنف منذ اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد (49 عاما) صباح الأربعاء أمام منزله في العاصمة تونس. وكان بلعيد معارضا شرسا لحركة النهضة. وقد اتهمت عائلته حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي بتدبير عملية الاغتيال. ونفى الغنوشي هذه الاتهامات وقال إن قتلة بلعيد ينتمون إلى “الثورة المضادة”. في المقابل تظاهر الآلاف من أنصار النهضة بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس للدفاع عن شرعية المجلس التأسيسي، فيما جدد رئيس الوزراء حمادي جبالي اقتراحه بتشكيل يحكومة كفاءات حزبية تكنوقراط لمواجهة الأزمة التي خلفها اغتيال المعارض شكري بلعيد رغم معارضة حزبه ذلك. وهتف المتظاهرون بشعارات مؤيدة للثورة التونسية والشرعية والهوية الإسلامية لتونس، وعزت مصادر إعلامية التشديد الأمني لأن التظاهرة جرت في نفس الموقع التي خرجت فيها مظاهرات للمعارضة الأيام القليلة الماضية، وسط مخاوف من تجمع مضاد للمعارضة قد يسفر عن اشتباكات بين الطرفين. وكانت حركة النهضة دعت لتظاهرات أمس السبت للدفاع عن “شرعية الجمعية الوطنية التأسيسية” التي يشكل فيها هذا الحزب غالبية وضد “العنف” في أول تحرك شعبي منذ اغتيال المعارض شكري بلعيد. من جانبه اتهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ما أطلق عليه “الثورة المضادة” بالعمل على تقسيم المجتمع التونسي إلى جبهتين متناحرتين. وندد الزعيم الإسلامي باغتيال المعارض شكري بلعيد، مشيرا إلى أنه لم يكن الأول في قائمة الاغتيالات، فقد سبقه شيخان من جماعة التبليغ والدعوة ورمز آخر من الحركة الدستورية. وأضاف أن هذا التنوع في عملية الاغتيالات يدفع المجتمع التونسي إلى التقاتل والتشكك والربية، وهو “جزء من آليات الثورة المضادة”. واتهم الغنوشي بعض وسائل الإعلام التي تعمل ليل نهار لتوصل رسالة للتونسيين “أنهم أخطؤوا حينما قاموا بالثورة”. واستنكر الغنوشي “التدخل المباشر من دول أجنبية مثل فرنسا في الشأن التونسي”، مضيفا “لا شك أن هناك أنظمة عربية ذات مصلحة مما يجري في تونس”. وتأتي هذه التطورات بعد أن أكد رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي الجمعة تمسكه بتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، مشيرا إلى أن ذلك لا يستلزم موافقة المجلس الوطني التأسيسي لأنه لن يحل الحكومة لكنه يعتزم تغيير جميع أعضائها. وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من رفض حركة النهضة اقتراح الجبالي عشية اغتيال القيادي المعارض شكري بلعيد، حيث أعلنت الحركة تمسكها بالائتلاف الذي يقود تونس منذ أكثر من عام. في الأثناء، استدعى الجبالي الجمعة السفير الفرنسي فرانسوا غويات للاحتجاج على تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي مانوال فالس، قال فيها إنه يتعين دعم العلمانيين والديمقراطيين في تونس، وإن تونس ليست نموذجا للربيع العربي. النائب في المجلس التأسيسي سعاد عبد الرحيم ل”البلاد”: حل المجلس التأسيسي ضرب للشرعية من جهة أخرى وفي تصريح ل”البلاد”، قالت عضو المجلس التأسيسي التونسي عن حركة النهضة سعاد عبد الرحيم إن الاغتيال الذي تعرض له الحقوقي المعارض شكري بلعيد هو اغتيال سياسي بامتياز، وقد نجح في خلق الفوضى في البلاد، مطالبة أن يطبق القانون على الجميع لكشف المتورطين في هذا الاعتداء الذي أراد أن يغتال قلب الثورة التونسية، مؤكدة وقوفها إلى جانب مبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي السياسية، ورفضها كل دعوات حل المجلس التأسيسي لأن هذا الأمر بمثابة ضرب للشرعية. وأضافت النائب أن المجتمع التونسي غير قابل لمثل هذا العنف، مطالبة بتنظيم الخلاف بين التونسيين والتعايش مع بعضهم البعض . من جانبه قال الصحفي التونسي توفيق العياشي في حديث ل”البلاد” إن كل الاحتمالات مفتوحة بعد اغتيال شكري بلعيد وأن تونس تعيش على صفيح ساخن، بسبب الغضب الشعبي من هذا الاغتيال، محذرا من تدهور الأوضاع إلى ما لايحمد عقباه.